إدريس عدار
أثار انتباهي الخبر المنقول عبر وسائل الإعلام حول فوز الفنانة السويدية من أصل مغربي لورين طلحاوي ب”يوروفيجن” أنه تمت إضافة أمازيغية إلى أصلها، فهي حسب وسائل الإعلام “فنانة سويدية من أصل مغربي أمازيغي”.
الشيء نفسه يمكن أن يقال عن تقديم الإعلام المغربي لفنانين مغاربة من الديانة اليهودية. يقولون رسام “مغربي يهودي”. أو “مغني مغربي يهودي”. لاعبة كرة “مغربية أمازيغية”.
لا يمكن أن ننكر أن الهوية المغربية مركبة وهي تحتوي هذه الهويات الصغيرة. ولا قيمة لهذه الأخيرة دون انتسابها للهوية الكبيرة، التي تميزنا عن غيرنا وهي عنوان للمغربي كيفما كان انتماؤه. ولعل مفهوم الهوية من بين المفاهيم الملتبسة ومتلبّسة بأشد أشكال التلون، لأنها بالقدر التي تعتبر ثابتة فهي تجري متحركة جوهرا وعرضا، وبالتالي يصعب تعريفها إلا بكونها نمط السلوك الذي نقدم به أنفسنا للعالم.
لست معترضا على أن يحمل المرء أية صفة بالإضافة إلى “المغربي”، لكن قد تكون الهويات الصغيرة هويات قاتلة بتعبير أمين معلوف. فالهوية تكون قاتلة ليس لنفسها ولكن للآخر بمعنى للهوية التي تفترض أنها مقابلة لها أو منافسة. وكل هوية صغيرة تريد أن يكون لها العلو في الأرض والسبيل إلى التسلط والتسيد هو تقاتل الهويات. لكن المنجى من ذلك هو أن تعتبر نفسها إضافات متفاعلة داخل الهوية الكبيرة.
عندما أسمع هذا كاتب مغربي أمازيغي وهذا فنان مغربي يهودي ومرات هذا مغني مغربي صحراوي أو ريفي أتساءل: ماذا نسمي المغربي الذي لا ينتمي إلى اي واحدة من هذه الهويات الصغيرة؟ طبعا في كل مغربي جزء من هذه الهويات الصغيرة، لكن دون فصلها عن الهوية المغربية، وإلا ستصبح كل هوية تنجذب لخصوصيتها في مغامرة غير محسوبة العواقب.
لن يكون مفيدا وصف فنان بأنه مغربي أمازيغي مادام ليس هناك لقب لفنان مغربي عربي. مثلا: أي نعت سنطلق على عبد الهادي بلخياط؟ نحن عرفناه فنانا مغربيا “حرفية”.
في التجربة اللبنانية رغم ما يقال عنها هناك أطر للهوية اللبنانية. بعيدا عن السياسة والصراع السياسي، الذي يركب موجة الطائفية لتحقيق أهداف أخرى، توجد لحمة لبنانية. مثلا الأقرب إلى المسيحي اللبناني هو الشيعي اللبناني وليس المسيحي الفرنسي، والأقرب إلى الشيعي اللبناني هو الدرزي اللبناني أو المسيحي اللبناني وليس الشيعي العراقي، والأقرب إلى السني اللبناني هو المسيحي اللبناني وليس السني التركي.
قياسا عليه فالأقرب إلى العربي المغربي هو الأمازيغي المغربي وليس العربي المشرقي والأقرب إلى الأمازيغي المغربي هو العربي المغربي وليس الأمازيغي الليبي وهكذا دواليك.
هذه القرابة انتساب للهوية المغربية، أي أبناء العمومة في الهوية الجامعة، وهي وحدها القادرة على تجنب أي انزياح تخلقه الهويات الصغيرة.
بالجملة أفضل النسبة التالية: هذا فنان مغربي، بلا نعوت لن تضيف له شيئا.
مغربية وكفى…عن “لورين الفنانة السويدية من أصل مغربي أمازيغي”
