Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

مقترح قانون لتجريم الإثراء غير المشروع يُحرج الحكومة

نبهت المعارضة الى أن الإثراء غير المشروع يشكل مشكلة كبيرة، تنعكس على مستوى محاربة الفساد، وتضر بصورة وسمعة الدول، لذلك تتم محاصرتها من خلال آليات تشريعية وتنظيمية ومؤسساتية، وذكرت مجموعة “البيجيدي”، في مذكرة تقديم لمقترح قانون حول منع الإثراء غير المشروع، أن المغرب انخرط في هذه الدينامية مبكرا من خلال آلية التصريح بالممتلكات، بالنسبة للمسؤولين العموميين، وذلك لرصد أي زيادة محتملة وغير مبررة في ذمته المالية أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح.

وأشارت المجموعة في تقديمها للمقترح، ومن خلال الممارسة، تبين أن هذه الآلية لا تحيط بموضوع الاثراء غير المشروع، من كل الجوانب، ولم تستطع محاصرة هذه الظاهرة بما يكفي، وبما يجعلها استثناء بين عموم الذين يتولون مهام ومسؤوليات عمومية، انتدابية كانت أو إدارية، وتابعت، وقد حاول المشرّع تحيين الآليات القانونية المرتبطة بمكافحة الإثراء غير المشروع، من خلال تعديل مجموعة القانون الجنائي، غير أن الحكومة قامت بسحبه سنة 2022 بدون مبرر موضوعي مما أوقف مسار التأهيل التشريعي في هذا المجال، وأعطى إشارات سلبية على المستوى السياسي، وأظهر الحكومة غير آبهة بمكافحة الإثراء غير المشروع، وبمحاربة الفساد بشكل عام، عبر المدخل القانوني.
وشددت المجموعة أن تقديمها لهذا المقترح، يأتي من هذا المنطلق، وبالنظر إلى ما بات يشكله الفساد من تهديد بنيوي يعرقل التنمية، وبالنظر إلى سحب الحكومة لمشروع القانون الجنائي، دون أن تبادر إلى نص تشريعي جديد بتعلق بالإثراء غير المشروع.

وأشارت المجموعة في مقترحها، إلى أنه يأتي كذلك استجابة للالتزامات الدولية للمغرب في مجال مكافحة الفساد، وخاصة بعد التوقيع على الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، وضرورة تأهيل وتحيين المنظومة القانونية الوطنية وملاءمتها مع هذه الالتزامات، إضافة إلى تراكم مظاهر الاستغلال السيء للوظيفة العمومية من طرف المسؤولين السياسيين، وكذا الموظفين العموميين ذوي المسؤوليات الملزمين بالتصريح بالممتلكات، وبروز مظاهر الإثراء غير المبرر لهؤلاء المسؤولين، منتخبين وإداريين، وفق ما ترصده الصحافة الوطنية، وتقارير جمعيات المجتمع المدني المشتغلة في مجال حماية المال العام.
وتقترح المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن تُسند مهام البحث التحري في الإثراء غير المشروع للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وتقترح عقوبات لكل من يثبت في حقهم، من المعنيين به وهم كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري للممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل، وكلّ شخص ذاتي، سواء كان معيّنًا أو منتخبا بصفة دائمة أو مؤقتة، تُعهد إليه صلاحيات السلطة العمومية أو يعمل لدى مصالح الدولة أو الجماعات الترابية، أو المؤسسات أو المقاولات العمومية، سواء كان ذلك بمقابل أو دون مقابل، وكل من له صفة موظف عمومي أو من يعيّنه القضاء للقيام بمهام قضائية، إلى جانب الجمعيات والأحزاب السياسية والأشخاص المعنوية المتعاقدة مع الدولة بأي وجه كان، ويتضمن مقترح المجموعة، عقوبات لجريمة الاثراء غير المشروع، وآليات لتتبعها والتحري بشأنها.

وكان التقرير الموضوعاتي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ابرز المتعلق بالإثراء غير المشروع، وجاهة اعتبار هذه الجريمة “مستقلة تؤطرها أحكام موضوعية”، وأوضح التقرير المعنون بــ “الإثراء غير المشروع، نحو تقعيد منظور تشريعي ملائم وناجع لمكافحته”، والذي تم تقديمه خلال الندوة الصحافية التي أعقبت الاجتماع الأول لمجلس الهيئة اليوم الثلاثاء بالرباط، أن هذه الأحكام الموضوعية تتمثل في المقومات الجرمية للإثراء غير المشروع والعقوبات الحبسية والمالية المتناسبة مع خطورة كل حالة متعلقة بها، كما يتعلق الأمر، حسب التقرير، بالقواعد الإجرائية الكفيلة بالبحث في الجريمة والتحقق منها وإثباتها، مؤكدا أهمية التحديد الواضح للأهداف المنشودة من هذا التشريع، وضمان التكامل القانوني مع مجموعة من النصوص لتعزيز ضمانات نجاعة تجريم الإثراء غير المشروع.
ومن أجل إرساء منظور موضوعي لمبدأ قلب عبء الإثبات في تجريم الإثراء غر المشروع، خلصت الهيئة، اعتمادا على مجموعة من الاجتهادات الفقهية والقضائية وبعض المقتضيات القانونية، على المستويين الوطني والدولي، التي كرست مبدأ تحويل عبء الإثبات من النيابة العامة إلى المتهم في بعض الجرائم والمساطر، وسجلت أن انصراف المشرع نحو قلب عبء الإثبات في جريمة الإثراء غر المشروع، يعتبر اختيارا تشريعيا “مبررا ولا مناص من إقراره”، كإجراء قضائي لضمان المتابعة الناجعة لهذه الجريمة.
وأكدت على ضرورة تثبيت الضمانات الموضوعية والإجرائية الكفيلة بتحقيق التوازن بين حق الدولة في حماية أمنها وأمن مجتمعها، وحق المواطنين في إثبات براءتهم وحمايتهم من كل تعسف، وإلى جانب تقرير الاثراء غير المشروع، شكل الاجتماع الأول لمجلس الهيئة فرصة لتقديم التقرير السنوي لسنة 2021، وكذا التقارير الموضوعاتية المتعلقة بـ”رأي الهيئة حول مسودة مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية”، و”التبليغ عن الفساد، من أجل دينامية مجتمعية ومؤسساتية بناءة لمكافحة الفساد”.

Exit mobile version