Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ملتمس الرقابة كتمرين ديمقراطيملتمس الرقابة كتمرين ديمقراطي

بعد أن اتفقت المعارضة على ضرورة تقديم ملتمس رقابة “للإطاحة” بالحكومة، شرعت كثير من الأقلام في الحديث بسخرية عن الموضوع، لأن الأغلبية التي تتوفر عليها الحكومة ضامنة لاستمرارها مهما كانت الظروف، وأن ملتمس الرقابة سيكون شكليا ولن يطيح بها، وبالتالي فإن الموضوع لا فائدة منه مادام لن ينتج عنه أية فائدة مادية.
وليس بالنتائج الملموسة وحدها نعيش، ولكن نعيش أيضا بالرموز، وملتمس الرقابة حتى لو لم يؤدِّ إلى النتيجة التي تحمل عنوانه يبقى تمرينا ديمقراطيا صحيا، ومن سلامة الديمقراطية في المغرب أن يتم فيها تقديم ملتمس رقابة في ظل حكومة صعبة المراس متغولة بأغلبيتها العددية ممارسة لكل أنواع القمع ضد خصومها، الذين تسكتهم بشتى الوسائل، بل تستعمل الأدوات الديمقراطية كوسائل للعنف.
أهم نتيجة يمكن أن يحققها ملتمس الرقابة، الذي لن يطيح بالحكومة إلا في حال انقلاب أحد مكوناتها عليها، هي إسماع صوت المعارضة، الذي جعلته الحكومة خافتا بكافة الوسائل، ويسعى ملتمس الرقابة إلى إعادته إلى حقيقته، وإلى وضعه الطبيعي الذي منحها الدستور إياه.
الحكومة الحالية لا تريد أن تستوعب الدور المنوط بالمعارضة، الذي لا يمكن أن يتحقق فصل السلط دونها، إذ إن الأغلبية في الحكومة هي نفسها الأغلبية في البرلمان، وبالتالي ينتفي دور فصل السلط بين السلطة التشريعية والتنفيذية إذا لم يكن للمعارضة دورها المركزي.
قبل أن يتحدث الدستور عن المؤسسات بأكملها، ومباشرة بعد الديباجة وهوية الدولة المغربية تحدث عن المعارضة في الفصل العاشر وطالب بمنحها كافة الوسائل للعب دورها الدستوري والتشريعي والرقابي، كما أكد على وجوب منحها رئاسة لجنة العدل والتشريع في مجلس النواب، وهي أهم لجنة دائمة في الغرفة الأولى، وكل هذا من أجل أن يكون لها دورها الهام، الذي يرى الجميع أن الحكومة نزعته عنها.
ولهذا لا ننتظر نحن ولا غيرنا من ملتمس الرقابة أن يسقط الحكومة، التي تتوفر على ثلاثة أرباع مجلس النواب، وبالتالي هي ناجية تصويتا، لكن ساقطة رمزيا.
لقد أصبحت الحكومة تتحكم في الدور الرقابي للبرلمان، من خلال امتلاكها لأغلبية عددية، ومن خلال ممارسة دور رقابي على الأسئلة الشفوية والكتابية، من خلال التحكم في مسطرة التساؤل، وعرقلة الأسئلة التي يتقدم بها النواب والمستشارون البرلمانيون، حيث تمر من مسطرة الرئاسة ومكتب المجلس والوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، مما يخضع الأسئلة لهوى الحكومة والوزراء.
لهذا سيكون ملتمس الرقابة أداة منبرية للكشف عن الاختلالات التي تعرفها الحكومة والتي تستحق من خلالها أن تسقط لو كان في الأغلبية من يعترف بأن الحكومة بالغت في الانهيار وعليه أن ينضم إلى المعارضة، وبما أنها لن تسقط رغم ذلك سيمكن الملتمس من الكشف عن وضعها الحقيقي وبالتالي ملتمس الرقابة هو تمرين ديمقراطي وآلية منبرية لفضح خروقات الحكومة التي لم تبق هناك وسيلة أخرى للقيام بها.

Exit mobile version