Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

من الثانوية إلى “المول”: معاول الهدم تحسم مصير ثانوية المحيط في الرباط

في مشهد يعكس تحولات غير مفهومة في قلب العاصمة، انطلقت الجرافات قبل أيام في هدم ثانوية المحيط، الواقعة بمقاطعة حسان، واحدة من أعرق المؤسسات التعليمية في الرباط.

الهدم يأتي بعد سلسلة عمليات مشابهة شملت عشرات المساكن الإدارية بسانية غربية، ضمن مسار يبدو أنه يتجاوز مجرد “إعادة الهيكلة” ليمس رموزًا تربوية ذات دلالة ثقافية وتاريخية.

اللافت في الأمر أن الثانوية المهدّمة لا تقع في موقع هامشي أو مهمل، بل في بقعة استراتيجية تساوي في قيمتها العقارية مليارات السنتيمات، وهو ما يطرح أسئلة حرجة عن الجهة المستفيدة من هذه العمليات، في ظل صمت رسمي مثير.

وزارة التربية الوطنية، ورغم تواتر المعطيات، ظلت تلتزم الصمت حيال الشبهات المتزايدة حول تفويت العقار لصالح منعش عقاري معروف، بغرض إقامة مركز تجاري ضخم “مول” مكان المدرسة.

صمتٌ زاده غموضًا تعثر الردود الرسمية، بدءًا من المكلف بالتواصل حميد تباتيت، الذي طلب مهلة أسبوع، ليعتذر لاحقًا بدعوى عدم التمكن من تقديم معطيات، وصولًا إلى مدير أكاديمية الرباط السابق محمد أضرضور، الذي التزم الصمت بدوره، مكتفيًا بعبارات فضفاضة لا تُغني من الحقيقة شيئًا.

مصادر مطلعة أكدت أن العقار تم بالفعل تسليمه لممثل عن أكاديمية المملكة سنة 2019، في خطوة قُدمت حينها كإجراء إداري، لكن بدا لاحقًا أنها جزء من مخطط أكبر لتحويل وجهة العقار من مؤسسة تعليمية إلى مشروع تجاري خاص.

تؤكد نفس المصادر أن الوزارة قد لجأت إلى حيلة “رفع اليد” القانونية لتبرير هذا التحويل، وهي الصيغة التي تُستعمل عادة للتخلي عن عقارات لم تعد هناك حاجة إليها.

إلا أن المستغرب أن هذه “اليد” لا تُرفع إلا حين يتعلق الأمر بعقارات ذات قيمة سوقية مرتفعة، وكأن الحاجة للتعليم تُقاس بثمن المتر المربع.

الأكثر إثارة أن عمليات التهيئة التي سبقت الهدم في محيط الثانوية، بدت وكأنها تمهيد ميداني لاستقبال مشروع المول، ما يعزز فرضية أن قرار الهدم لم يكن وليد اللحظة، بل نتاج ترتيبات طويلة سارت بهدوء في الكواليس.

وفي غياب توضيحات رسمية شفافة، تبقى أسئلة كثيرة معلقة: من وقع على وثيقة التفويت؟ هل تمت العملية وفقًا للقانون؟ ومن المستفيد الحقيقي؟ لكن الأهم من كل هذا: هل تحوّل التعليم إلى سلعة يمكن شطبها من الخريطة حين تتعارض مع مصالح العقار؟

 

 

Exit mobile version