Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

ندرة المياه بالمغرب…مكافحة العطش معركة حقيقية

لم يعد خافيا على أحد أن المغرب مهدد بأزمة عطش خطيرة، واليوم الحكومة بنفسها تعترف بأن الأمر جلل، وهذا ما جاء على لسان نزار بركة، الوزير الوصي على قطرات الماء التي يشربها المغاربة، والأرقام التي قدمها مخيفة جدا، خصوصا وأن المغرب، يسير، لا قدر الله، نحو سنة سادسة من الجفاف، بما يعني تهديد حياة المغاربة، أي ما يشربون وما يأكلون أيضا، باعتبار أن الماء أصبح ضروريا في الزراعات الحديثة.
نعرف جيدا أنه لا دخل لنا نحن في الجفاف وقلة الأمطار، وإن كانت التقنيات الحديثة والتصنيع المفرط له دور، لكن نحن نتحدث عن دورنا نحن، ولا يمكن رد هذه الأقدار المقدرة، لكن هناك مسؤولية للإنسان على ما حصل وهو ما أشار إليه القرآن الكريم “ويخربون بيوتهم بأيديهم”.
بالإضافة إلى خراب المناخ هناك خراب آخر، يتعلق بالإفراط في استعمال المياه من قبل المواطنين، وهنا تقوم الحكومة برمي كامل المسؤولية على المواطن البسيط، الذي يقتصد رغما عن أنفه مراعاة للثقوب الموجودة في جيبه، نتيجة الارتفاع المهول للأسعار، وبالتالي فإن ترشيد المياه في الاستعمال اليومي لن يكون صعبا، وتكفي بضعة حملات ليعود المواطن إلى رشده في استعمال الماء.
الكارثة التي لا فكاك منها، تتعلق بسياسات الحكومة الفلاحية، التي وعدت بمغرب أخضر ناصع الخضرة، تصبح فيه كل أنواع الخضر لا يساوي ثمنها ثمن البصل أو “بطاطا برطل”، لكن لم تنزل أسعار باقي الخضر ولكن صعدت عندها البصل والبطاطس. وبما أن هذه الزراعات ليست في مستوى أثرياء المغرب فقد أبدعوا في زراعة فواكه استوائية تنبث عشوائيا في كثير من البلدان الإفريقية وأمريكا اللاتينية، لكنها كي تنجح زراعتها في المغرب تتطلب كميات كبيرة من الماء.
تحاول الحكومة عدم فتح هذا الملف، وتحاول دائما أن ترد ذلك إلى الاستعمال العشوائي للمياه من قبل المواطنين ومن قبل محلات غسل السيارات، لكن لا تتحدث عن الضيعات الكبرى، التي تستنزف الفرشة المائية بشكل رهيب جدا، وخصوصا الزاراعات النوعية التي تحدثنا عنها، التي تتطلب كميات كبيرة من الماء، بل هناك طريقة يتم من خلالها تجميع المياه، وهي طريقة مدعومة من المال العام، لكنها تساهم في تبخر ملايين المترات المكعبة من الماء دون استعمالها.
أول مرحلة ينبغي الانطلاق منها لمعالجة ندرة الماء هي إلغاء كل تلك الزراعات التي لا تسمن فقيرا من جوع ومسغبة، ولكنها فقط تدر الملايير على “تجمع المصالح الكبرى” بعد أن تكون قد استنزفت المخزون المائي للمغاربة.
الحديث عن الأمن المائي لا يقل أهمية عن الأمن الغذائي والأمن السيادي والأمن الطاقي ومحاربة الجريمة.
عندما دشن جلالة المغفور له الحسن الثاني “سد الوحدة” قال في كلمة مقتضبة: الحروب المقبلة لن تكون حول الذهب الأسود ولكن الذهب الأبيض ألا وهو الماء.
الماء ثروة كبيرة ومكافحة العطش هي المعركة الحقيقية اليوم.

Exit mobile version