شددت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على أن ملف مصفاة سامير أصبح قضية وطنية وملف شعبي آني، خاصة والمغاربة يكتوون بلهيب الأسعار والارتفاع المهول لأثمنة المحروقات والتي انعكست سلبا على جميع أسعار المواد الأساسية، وأكدت مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بجلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، أن الحكومة اتخذت موقف المتفرج إزاء هذا الوضع المتردي الذي أصبحت تعيشه فئات عريضة من المجتمع المغربي.
وأشارت، أن قانون مالية 2023 الذي مررته الأغلبية العددية بالبرلمان لم يأتي بأي جديد وتنكر لشعار الدولة الاجتماعية الذي رفعته الحكومة، ولم يتضمن أي إجراءات لدعم القدرة الشرائية في ظل الارتفاع غير المسبوق لنسب التضخم، واستغربت من رفض الحكومة لمقترحي قانونين تقدم بهما مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الأول يتعلق بتأميم الشركة الوطنية لصناعة التكرير “سامير” التي توجد في مرحلة التصفية القضائية، وتفويت جميع أصولها لحساب الدولة المغربية، أما الثاني فيهم تسقيف أسعار المحروقات.
وشددت على أن العودة لتكرير البترول بمصفاة “سامير” أصبح مطلبا شعبيا ووطنيا، وبات ضرورة أساسية من أجل تعزيز الأمن الطاقي للمغرب، خاصة أنها قادرة على توفير 67 في المائة من حاجيات المغرب من المواد النفطية، مع فائض للتصدير من المنتوجات النصف مصنعة، مع المساهمة في تخفيض أسعار المحروقات ما يعني تراجع أثمنة الغازوال بأربعة دراهم على الأقل، وأكدت أنه من غير المستساغ تلكؤ الحكومة في إيجاد حل والخروج بالشركة من مخاطر الإفلاس واتخاذ موقف سلبي من إعادة تشغيلها من جديد.”
من جهتها قالت ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، إن ملف مصفاة “لاسامير” يتسم بالتعقيد غير المسبوق نتيجة تراكم لأكثر من 20 سنة للمشاكل والديون، وأضافت في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، أن مشاكلها تهم أيضا العلاقة بين المستثمر والدولة المغربية، الأمر الذي نتج عنه توقف المصفاة وإحالة الملف على القضاء، وقضت بعدها المحكمة التجارية بالدار البيضاء بالتصفية القضائية للشركة، مع استمرار نشاطها تحت إشراف “السانديك”، وهو حكم تم تأييده في المرحلة الاستئنافية.
وأشارت أنه فيما يخص نشاط التكرير، فإن المغرب بلد غير منتج للنفط حتى يكون التكرير ركيزة في استراتيجيته الوطنية الطاقية التي أطلقت سنة 2009، وتابعت ” نحن بصدد تحيين هذه الاستراتيجية لكن يبقى أن المنظومة الطاقية للمغرب لم تشهد أي خلل في التزويد بالطاقة، وتمت تلبية حاجات السوق الوطنية كلها، والمادة الوحيدة التي حصل فيها خلل في التزويد هذا العام هي الغاز الطبيعي وتم حل المسألة رغم الأزمة العالمية غير المسبوقة”، وأكدت في ذات الوقت أن ملف شركة “لاسامير” هو ملف استثماري مهم يجب التعاطي معه بشكل معقلن مع ضرورة بلورة تصور واضح في تدبيره، ومراعاة مصالح الدولة المغربية، واليد العاملة، ومصالح ساكنة المحمدية.
وأوضحت أن الوزارة تدرس مختلف السيناريوهات التقنية والاقتصادية لإيجاد الحلول الناجعة لهذا الملف، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح الفئات الثلاثة السالفة الذكر، وسيتم الإعلان عن هذه الحلول في الوقت المناسب، وشددت على أن ملف “لاسامير” استثماري وليست له أية علاقة بالمزايدات السياسية.
و شددت الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول “سامير”، على أن رأي مجلس المنافسة كان مناوئا لبقاء واستمرار شركة سامير وكان محكوما بوجهة نظر الأطراف المستمع إليها، وغابت عنه المصداقية المأمولة حينما استمع للموزعين المتهمين بشبهة التوافق حول الأسعار، ولم يكلف نفسه عناء الاستماع للجمعيات الممثلة للمستهلك وللنقابات وللمهتمين بالموضوع ومنهم الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول ولإدارة شركة سامير (وأقر بغياب المعطيات حول تشغيل شركات سامير)، وهو عكس ما قام به الرئيس السابق للمجلس حينما طلب منه الرأي في تسقيف الأسعار من طرف حكومة سعد الدين العثماني، وخلص الى ضرورة عودة المغرب لامتلاك مفاتيح صناعات تكرير البترول.
واعتبرت الجبهة، أن الرأي حاول تطبيع المغاربة مع ارتفاع هوامش ربح الموزعين ورفع التهمة عن الفاعل الأول في السوق، ولكنه سقط في غرائب عالم التجارة والمال، حينما خلص بأن أرباح الفاعل الأول الذي يسيطر على 24٪ من حصة السوق تقل عن أرباح الفاعل الممتلك لحوالي 6%، بدعوى أن الفاعل الكبير يشتري بالغلاء من السوق الدولية، وهو ما يطرح ألف سؤال في الموضوع ويضع المصالح المختصة في الجمارك والضرائب ومكتب الصرف أمام مسؤولياتها للقيام بالمتعين.
وأكدت الجبهة على أنه ” رغم الخصاص الكبير في العرض العالمي من المنتوجات البترولية الصافية بسبب ضعف الاستثمارات في تكرير البترول، فإن المجلس تراجع عن الخلاصة السابقة حول أهمية عودة المغرب لامتلاك مفاتيح صناعة تكرير البترول عبر كل الصيغ الممكنة، وذلك رغم الحديث في التشخيص عن الانفصال بين أسعار النفط الخام وأسعار المواد المكررة وارتفاع هوامش التكرير، وهنا نسجل باستغراب أن تغيير رئيس المجلس فقط والاحتفاظ بنفس الأعضاء، تسبب في تغير رأي المجلس من أهمية تكرير البترول للمغرب.
وأفادت الجبهة، أن المجلس تحاشى الجهر بحقيقة ارتفاع أسعار المحروقات، من جهة من جراء ارتفاع أرباح الفاعلين بسبب غياب الحد الأدنى من مقومات التنافس في السوق وسيطرة الرواد الخمس 70% (أفريقيا-شيل-طوطال-بتروم-ونكسو) / الثلاث 54% (أفريقيا-شيل-طوطال) على السوق وتغييب المنافسة من طرف التكرير المحلي، ومن جهة أخرى بسبب حذف الدعم عن المحروقات دون وضع الاليات لتعويض المتضررين من الارتفاعات الكبيرة التي تفوق القدرة الشرائية للمواطنين والقدرة التنافسية للمقاولة، وهذا دون الحديث عن سوق الغاز والفيول والكروزين الذي يعرف تركيزا أشد من المحروقات.