فضحت مطالب المعارضة و الهيئات النقابية حول قضية “توقف مصفاة لاسامير”، لوبي المحروقات وتمكنه من التأثير على قرارات الحكومة ، بعدما رفضت الحكومة جميع المقترحات باعادة تشغيل المصفاة، حيث توجه الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية بسؤال مكتوب إلى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، حول الحقوق المادية والمهنية لشغيلة شركة “سامير”.
وأشار الفريق أن شركة “سامير” تخضع للتصفية القضائية منذ غشت 2015 بسبب وضعيتها المالية المعقدة، وهو ما أدى عمليا إلى تسريح العديد من عمالها، وأدى ذلك إلى ضياع سنوات طويلة من الخبرة في مجال تكرير البترول، دون الحديث عن تبعات ذلك على التنمية المحلية والجهوية، وتداعياته السلبية على الرواج التجاري في المحمدية، وأكد على تراكم الخسائر الناجمة عن إغلاق مصفاة “سامير” على كل المستويات، لاسيما على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، مبرزا أنه في سياق الارتفاع المهول لأسعار المحروقات ببلادنا، فإن النقاش يعود مجددا ليفتح حول ضرورة إحياء أنشطة هذه الشركة التي كانت رائدة في مجالها لعقود من الزمن.
وتساءل الحزب عن مدى احترام الاتفاقيات الجماعية وقانون الشغل ومدونة التجارة في سياق التصفية القضائية للشركة، وتمكين العمال من حقوق الأقدمية والترقيات والعلاوات المختلفة ومكملات الأجر، وهل يتم فعلا تأدية الاشتراكات لصناديق التقاعد قبل وبعد التصفية القضائية؟، علما أن هذه الحقوق لا تلغيها نهائيا الوضعية الحالية للشركة، لاسيما وأن جزءا من أنشطتها عاد مؤخرا للنشاط من خلال كراء خزاناتها، وهو ما در عليها أرباحا مهمة، يفترض توجيهها لتسوية الوضعيات الاجتماعية العالقة.
ودعا الحكومة للكشف عن التدابير والإجراءات التي ستتخذها من أجل تمكين عمال شركة “لاسامير” من حقوقهم الاجتماعية، عملا بمقتضيات مدونة الشغل، لاسيما ما يتعلق بحقوق الأقدمية والترقيات والعلاوات المختلفة ومكملات الأجر، وتأدية الاشتراكات لصناديق التقاعد.
من جهته كشف الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الحسين اليماني، أن “الفاعلين في قطاع المحروقات راكموا أرباحا الفاحشة، ناهزت 50 مليار درهم، منذ تحرير الأسعار سنة 2016 حتى نهاية 2022”، ووصف الأرباح بأنها “غير مشروعة”، داعيا إلى “إلغاء تحرير أسعار المحروقات والعودة إلى تنظيم أسعارها، وتسقيفها عبر تخفيض الضريبة المطبقة، من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين”.
وطالب اليماني،الحكومة بتسقيف أسعار المحروقات، معتبرا أن “10 دراهم للكازوال هو سعر ممكن تحقيقه”، حيث أكد المسؤول النقابي أنه “لولا سياسة تحرير أسعار المحروقات، والتي أقدم عليها رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله ابن كيران، لما تعدى السعر الأقصى، الذي ستحدده السلطات المعنية حسب السوق الدولية وسعر صرف الدولار، 12 درهما للبنزين، و12,5 درهما للغازوال”.
واعتبر الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز أن “العودة إلى تنظيم أسعار المحروقات وتكرير البترول في المغرب ستمكن من الوصول إلى بيع لتر الغازوال اليوم بأقل من 10,5 دراهم، عوض 14 درهما الذي يباع به حاليا”، وخلص ذات المتحدث إلى أن “معظم الفاعلين في التوزيع يطبقون حتى الآن ثمنا للغازوال بحوالي 14 درهما، والبنزين 14,25 درهما، وهو ما يمثل زيادة بقيمة درهم ونصف للغازوال، وأكثر من درهمين للبنزين”.
وطالب اليماني باسترجاع “الأرباح الفاحشة التي اكتسبها الفاعلون في القطاع بشكل غير مشروع”، من أجل تخفيف الأزمة التي يعشها المغاربة، والتي أثرت على قدرتهم الشرائية بشكل كبير.
يذكر أن وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، كانت قد ردت مؤخرا على الانتقادات الموجهة للحكومة بشأن استمرار ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب على الرغم من تراجعها عالميا، حيث كشفت العلوي أن “أسعار المحروقات بالمغرب تقاس على مثيلاتها في السوق الدولية، أي على أسعار المواد المكررة، وليس على سعر برميل النفط”.
و أوضحت الوزيرة أن “التغييرات التي يعرفها سعر النفط الخام لا يمكن عكسها مباشرة على أسعار المواد النفطية الأخرى”، مشيرة إلى أنه “على الرغم من تراجع أسعار برميل النفط، فإن انعكاس ذلك على أسعار المواد المكررة يأتي في مرحلة متأخرة”.
و أكدت المسؤولة الحكومية أنه “على الرغم من تراجع سعر النفط، إلا أنه في كثير من الأحيان يستمر ارتفاع أسعار المواد المكررة”، مسجلة أن “أسعار المواد النفطية العالمية عرفت منذ بداية سنة 2022 ارتفاعات غير مسبوقة تعود أساسا إلى الحرب في أوكرانيا التي كان لها تأثير على مجموعة من أسواق المواد الأولية، وإلى الاختلالات التي عرفتها مسالك التوزيع واللوجستيك التي كانت وراء ارتفاع تكاليف الشحن”.
وشددت على أن “ارتفاع أسعار المحروقات اليوم يرجع بالأساس إلى ارتفاعها على صعيد السوق الدولية”، مبرزة أن “الوزارة حثت شركات التوزيع، في إطار الحوار الذي يجمعها مع هذا القطاع، على تطبيق كل الانخفاضات المترتبة على انخفاض الأسعار الدولية”.
وتجدر الإشارة إلى أن أسعار المحروقات سجلت مستويات لم تشهدها الأسواق العالمية للمواد النفطية سابقا، حيث تعدى سعر الغازوال سقف 1475 دولارا للطن، بينما سجل متوسط السعر إلى غاية منتصف شهر دجنبر 1053 دولارا للطن، مقابل معدل كان يقدر بـ 593 دولارا للطن سنة 2021، أي بارتفاع فاق 44%، حسب معطيات أدلت بها وزيرة الاقتصاد والمالية، ومن جهة أخرى، أكدت العلوي أن السعر المرجعي للبنزين وصل بدوره إلى 1612 دولارا للطن، وسجل معدل 1031 دولارا للطن مقابل 689 دولارا للطن سنة 2021، بارتفاع فاق 33%.
نقابيون يصفون 50 مليار درهم من أرباح شركات المحروقات بـ”الغير مشروعة”
