Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

 نهاية هروب دام 14 سنة.. كيف قادت الصدفة إلى اعتقال قاتل ابنه ضواحي سيدي قاسم ؟

في قلب إحدى الضيعات الفلاحية الهادئة بمنطقة بودربالة، وتحديدًا بضواحي الحاجب، أسدل الستار أخيرًا على فصل طويل من الهروب والاختفاء امتد لأكثر من أربعة عشر عامًا.

القصة، التي تعود تفاصيلها إلى سنة 2011، بدأت بجريمة قتل بشعة راح ضحيتها طفل على يد والده، قبل أن يختفي الأخير عن الأنظار ويصبح مبحوثًا عنه على الصعيد الوطني.

التحقيقات التي باشرنا تتبع خيوطها تكشف كيف تمكن رجل من تضليل العدالة طوال هذه المدة، والتنقل بهوية مجهولة من منطقة لأخرى، والعمل في الضيعات الزراعية دون أن يثير أي شكوك، إلى أن قادته الصدفة، لا البلاغات أو التحريات، إلى قبضة الأمن.

بداية الكشف: ارتباك على متن جرار

الخيط الأول في هذه القضية انطلق من واقعة بسيطة بدت عادية في ظاهرها. دورية للدرك الملكي كانت تقوم بمهام المراقبة الروتينية حين أوقفت جرارًا يسير وسط الطريق بشكل غير قانوني، وعلى متنه رجل في الخمسينات من عمره وطفل صغير.

لكن ما أثار انتباه العناصر الأمنية هو ارتباك السائق، وتردده الغريب في الإجابة عن أسئلتهم.

سائق الجرار لم يكن يحمل بطاقة تعريف، وبدأ بالمراوغة، قبل أن يحاول الفرار صوب الحقول المجاورة، وهو ما زاد من شكوك عناصر الدرك، الذين تمكنوا من محاصرته وإلقاء القبض عليه في وقت وجيز.

التحقيق يكشف المفاجأة

تم اقتياد المشتبه فيه إلى مركز الدرك الملكي، وهناك بدأت مرحلة التحقيق التي سرعان ما تحولت إلى واحدة من أهم عمليات التوقيف المرتبطة بملفات القتل العالقة.

وبعد رفضه الإدلاء بهويته، شرع المحققون في التدقيق في ملامحه ومطابقة المعطيات التي بحوزتهم مع سجلات المطلوبين، ليكتشفوا أنه مبحوث عنه منذ سنة 2011، على خلفية جريمة قتل بشعة ارتكبها في منطقة زكوطة نواحي سيدي قاسم.

وفق مصادرنا، فإن المتهم، منذ ارتكابه للجريمة، ظل يتنقل بين مناطق فلاحية في محيط مكناس وضواحيها، دون أن يُكشَف أمره.

وفي سنة 2022، استقر في ضيعة بمنطقة سوق الكور، حيث اشتغل كعامل فلاحي مستخدمًا هوية مزيفة وغير مسجلة، ما جعله بمنأى عن أعين السلطات.

لحظة الانهيار.. واعتراف أمام المحققين

أمام ضغط التحقيق، انهار الرجل واعترف بالجريمة التي ظلت تؤرق ذاكرته طوال السنوات الماضية.

وكشف أنه دخل في شجار عنيف مع ابنه، انتهى بجريمة قتل مروعة، ليقرر بعدها الفرار من مسرح الجريمة والاختفاء نهائيًا.

وأفاد المتهم خلال الاستماع إليه، بأنه عاش متخفيًا، متجنبًا أي تواصل أو ارتباطات قد تفضي إلى كشف هويته. لكن عثرات بسيطة، مثل ارتباكه وغياب بطاقة تعريفه، كانت كفيلة بتبديد سنوات التخفي الطويلة.

مسطرة قانونية في الانتظار

تم تقديم المتهم أمام النيابة العامة، يوم الجمعة الماضي، حيث تقرر متابعته في حالة اعتقال بتهمة “الضرب والجرح المفضي إلى الموت”، وهي التهمة التي قد تعيد فتح ملف الجريمة برمّته، في محاولة لكشف كل ملابساتها وظروفها، خاصة بعد مرور أكثر من عقد على وقوعها.

القضية تعيد إلى الواجهة أسئلة كثيرة حول فعالية آليات التتبع الأمني والهويات المزيفة، لكنها أيضًا تبرز كيف أن الصدفة وحدها قد تقود أحيانًا إلى كشف جرائم طواها النسيان.

 

Exit mobile version