Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

هبّة ملك لإنقاذ الجزائر

نعرف جيدا أن العلاقات بين المغرب والجزائر ليست على ما يرام، والجميع يعرف ذلك، لكن كوة ضوء انفتحت في هذا الجدار السميك، الذي وجد في الكيان الغريب لحمته وسداه وربما حديده وإسمنته، حيث أعلن جلالة الملك خلال خطاب العرش عن اليد الممدودة تجاه الجزائر، وأن الأمور يمكن أن تعود إلى سابق عهدها عبر فتح حوار دون شروط. إنه اقتراح ملك عظيم في زمن قاس لن يرحم أحدا تخلف عن موكب التاريخ.
واليوم يعلن جلالته عن مبادرة راقية تضع كل الخلافات جانبا، وتعلن أن الحياد حرام وقت اشتداد الأزمة، حيث أعطى جلالة الملك محمد السادس تعليماته السامية لوزيري الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والداخلية لإعلان مساندة الجزائر ومساعدتها على إطفاء الحرائق المشتعلة في العديد من الغابات وأدت إلى ضحايا في الأرواح، وتمت تعبئة طائرتين متخصصتين في انتظار موافقة السلطات الجزائرية.
موقف إنساني لا يمكن المزايدة عليه وبالتالي ليس أمام السلطات الجزائرية سوى إعلان الموافقة، فالوقت ليس وقت تصفية الحسابات السياسية لأن الموضوع إنساني، وفي هذا الأمر يبقى الموقف المغربي الذي أعلن عنه جلالة الملك هو أنه لا عداوة ولا حياد في الأزمات الإنسانية بغض النظر عن طبيعة العلاقة بين البلدين، وبغض النظر عن العداوة المعلنة منذ سنين طويلة نتيجة احتضان الكيان الدخيل.
وكان جلالة الملك قد خصص حيزا مهما من خطاب العرش للعلاقة مع الجزائر موضحا أن بناء علاقات جدية بين البلدين خيار لا ثاني له، معلنا استعداد المغرب الحوار دون شروط لأنه قدر البلدين الجارين، وها هو جلالته يبين عن سلوك إنساني بعيد عن المناكفات السياسية ودون انتظار تسوية الأزمات العالقة.
عندما يعيش بلد مغاربي أو جار أزمات معينة ينسى المغرب كل شيء ويعلن أنه لا حياد في الأزمات الإنسانية بل لابد من الانخراط الكلي في دعم الجيران، وهذا حصل في العديد من المرات بل حتى إسبانيا ساعدها المغرب على إطفاء الحرائق، وكانت آخر المساعدات التي قدمها المغرب لتونس الشقيقة عقب الانتشار الواسع لفيروس كورونا.
القضية تعبير عن هبّة ملك عظيم لنصرة الجيران بغض النظر عن طبيعة الجيرة وحسن الجوار من عدمه، ولكن عندما يكون جارك في وضع صعب فالمفروض أن تضع خلافاتك معه جانبا وتقوم بكل قواك لمساندته ودعمه، أما ترتيب المشاكل وحلها فهو يحتاج إلى وقت آخر، ولا يمكن أن تحاسب جارك وقت الضيق، خصوصا إذا كان هذا الجار ليس أي جار ولكن شقيق بتعبير جلالة الملك.
ما أقدم عليه جلالة الملك نوع من التعامل “بلا حساب” وقت الشدة، ومن أراد أن يحل المشاكل أو يصفي الحسابات فليختر وقتا آخر ليس أوانه. لكن هذه الرسالة عميقة وعميقة جدا، مفادها أن أفعالا بسيطة يمكن أن تكون مدخلا لإطفاء فتيل جميع الحرائق وليس حرائق الغابات فقط.

Exit mobile version