Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

وحتى “الكَـرمُوصْ الهنْـدي” لم يسلم منك يا أخنوش..

محمد عفري

من المنطقي أن تكون أسعار المحروقات التي نفخت فيها حكومة أخنوش بلا مراعاة، لتجعلها حلا لمواجهة أزمة الغلاء الدولي، بتداعيات كبيرة على أسعار الخضروات والفواكه، بداعي احتقان سومة تنقل الأشخاص ونقل البضائع بين القرى والمدن. لكن ليس إلى درجة أن تُصبح ثمرة واحدة، من فاكهة التين الشوكي (كرموصة هندية)، سَواسية أو أدنى بقليل، مع حبة موز واحدة أو تفاحة في السعر، وأن تفرض نفسها “ماركة مسجلة” بيافطة تعريفة رقمية، بين معروضات مختلف الفواكه، على واجهات الأسواق التجارية العصرية والفضاءات الكبرى.
لنتصور ما تكون عليه أحاسيس مواطن مغربي، وهو يقرأ بأم عينيه لائحة الأثمان، دوِّن عليها كيلوغرام واحد من “الكرموص الهندي” بسعر خمسين درهما في فضاء تجاري كبير، وبالقرب منها كيلوغرام موز مغربي باثني عشر درهما وكيلوغرام موز مستورد بستة عشر درهما، وغير بعيد، كيلوغرام أفوكا بخمس وثلاثين درهما وهلم جرّا من تفاح وبّابّاي، وفراولة وغيرها، وهو المواطن الذي اعتاد أن يتناول هذه الفاكهة العجيبة الغريبة مجانا، بأحد الأحراش القروية – مع مغامرة جَنْيِه وهو يواجه الأشواك – إلى حد التّخمة) الإمساك القهري(، أو بثمن عشرين إلى خمسين سنتيما للحبة الواحدة في الأقصى، من أحد الباعة المتجولين بالمدن.
على امتداد عقود وقرون، ظلت هذه النبتة الفريدة في شكلها والمفيدة في غاياتها التي لا تُعد ولا تُحصى، تغطي “عشوائيا” آلاف الهكتارات من الأراضي المغربية، في دورة مُوجِبة لتفاعل طبيعي، بين أشعة الشمس وحرارتها وتربة الأحراش، دون بذل أدنى مجهود من فلاح أو تعاونية، ودون أي تكلفة تُذكَر من حاجة إلى ماء سقي أو تلقيح، أو غيْر ذلك، لتشكِّل مادةً فلاحية “دسمة”، بين أيدي عامة الناس، وفي متناولهم بثمن بخس جدا، كما في متناول أبناء صغار الفلاحين وغير الفلاحين بالقرى، يجعلون منها سلعة لبيع زهيد، طيلة عطلة الصيف في المدن الصغيرة بالقرب من محطات نقل المسافرين والأسواق الأسبوعية، ويحولون عائداتها الصغيرة إلى زاد مالي ينفعهم عند كل بداية موسم دراسي. الشيء نفسه، بالنسبة إلى صغار بعض أبناء المدن الذين يَعْرضونها في تنافس مع باعة متجولين “متخصصين” في الشوارع ونواصي الأزقة وعلى طول الشواطئ التي بها مصطافون في المدن الساحلية.
قبل خمس سنوات من الآن، لم يكن من باب الصّدف أن تصبح فاكهة التين الشوكي، على سياسة كبيرة من “التحويط” و”المحاصرة”، إلى درجة الاجتثاث من الجذور، بداعي الإصابة، في سابقة تاريخية فلاحية مغربية، بفيروس الدودة القرمزية الذي ضربها في مقتل واستوجب برامج كبرى لإنقاذها، بإعادة زرعها.. كذلك، لم يكن بعزيز على “الدولة” الفلاحية في عهد برنامج المغرب الأخضر الكبير، وعلى مسؤولية عزيز أخنوش، كوزير للفلاحة والصيد البحري وما أتيح له من صلاحيات إضافية في التنمية القروية والمياه والغابات، أن يتم الإعلان عن أن فاكهة التين الشوكي دخلت مرحلة الإفساد التام (métastase)، ولم يعد ممكنا مع “تَسَرْطُنِها” أي دواء غير البتر، ليتم التخلص من آلاف الهكتارات من الحقول العشوائية لهذه النبتة عن طريق الإحراق والإتلاف المتنوع.
لم يَكُنِ المرادُ من البرامج الفلاحية الكبرى لإنقاذ “الهندية” من التلف بعدما ظلت أهلا وسهلا لكل ذي مناعة من أشواكها، إلا برامج تطوي، بدرجة أولى، على ضرورة “تأميمها”، أي جعلها ثروة طبيعية تابعة للدولة، تتحكم فيها عبر برامج للتنمية المتنوعة، بقوام خلْق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة، عبر تعاونيات وجمعيات تصب إنتاجاتُها في قطاع الصادرات.
طبعا، لم يكن أي مجال للصدفة أن يحدث هذا، في عهد أخنوش والمغرب الأخضر، إلا عندما تهافت كبار المستهلكين و”المستثمرين غير الشرعيين”، الأجانب بالخصوص، على “الكرموص الهندي” المغربي، وعندما أجمعت الدراسات العلمية والطبية والعطرية والنباتية والغذائية الدولية على أن هذه الفاكهة بمفعول سحري على الصحة والبدن والفكر من حيث القوة والجمال وغيرهما، وبعدما تأكّد أن لترا واحدا من زيت حبوب “الهندية” يبلغ مليون سنتيم.
بما أن هذه النبتة عشوائية وشائكة تنبت “عنوة” في أرض الله الواسعة الشاسعة، لم يكن تأميمها بالمفهوم الأخنوشي بالصعب، حيث لم تتطلب عملية “حيازتها” إلا “فنا/ عبقرية”، بلا مقترح قانون من فريق برلماني ولا مشروع قانون من الحكومة ولا هم يحزنون، كما حدث مع نبتة القنب الهندي..

Exit mobile version