في خطوة لافتة تؤكد عزم وزارة التربية الوطنية على تفعيل مبادئ المحاسبة وترسيخ الحكامة الجيدة، أصدر محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية، قرارًا يقضي بإعفاء 16 مديرًا إقليميًا من مناصبهم. وتأتي هذه القرارات عقب عملية تقييم دقيقة شملت مختلف المديريات الإقليمية، في إطار تنفيذ التوجيهات الملكية الرامية إلى إصلاح المنظومة التعليمية والرفع من جودة التعليم.
وبحسب مصادر مطلعة من داخل الوزارة، فقد استندت هذه الإعفاءات إلى تقارير تفتيشية كشفت عن وجود اختلالات مالية وإدارية كبيرة في تنفيذ برنامج “مدارس الريادة”، وهو أحد المشاريع الرئيسية التي تهدف إلى تحديث قطاع التعليم وتعزيز جودته. وشملت قائمة المعفيين مديرين إقليميين بعدد من المدن، أبرزها الناظور، التي تفجرت منها القضية، بالإضافة إلى ورزازات، الرشيدية، العيون، الداخلة، المضيق، والفحص أنجرة. وتوقعت المصادر ذاتها أن تمتد قرارات الإعفاء لتشمل مديريات أخرى بمجرد استكمال باقي التحقيقات والتقييمات الجارية.
ويُعد برنامج “مدارس الريادة” أحد أعمدة الإصلاح التربوي الذي أطلقته وزارة التربية الوطنية في السنوات الأخيرة، حيث يهدف إلى تحديث المناهج الدراسية، دمج التكنولوجيا في العملية التعليمية، وتوفير تكوين مستمر للأطر التربوية. غير أن تقارير التفتيش الأخيرة كشفت عن تجاوزات مالية وسوء تدبير في عدد من المديريات، مما دفع الوزارة إلى اتخاذ هذه الإجراءات الحاسمة بهدف إعادة الأمور إلى نصابها وضمان تنفيذ البرامج وفق المعايير المسطرة.
وقد أثار القرار ردود فعل متباينة في الأوساط التربوية. ففي حين اعتبره البعض خطوة ضرورية لمحاربة الفساد وترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، رأى آخرون أن الأمر يعكس وجود خلل أعمق يستدعي إصلاحًا شاملاً في آليات تتبع وتنفيذ المشاريع الكبرى.
وتؤكد الوزارة أن هذه الإجراءات تأتي في إطار التزامها بتجويد التعليم وضمان حسن تدبير الموارد المالية والبشرية، مع التشديد على أن أي تجاوزات مستقبلية لن تمر دون محاسبة.
