ليست هذه أول مرة نسمع فيها وعودا من قبل أحزاب سياسية أو من قبل مرشحين للانتخابات، وليس عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار هو أول من أطلق وعودا، وليست المرة الأولى التي يطلق فيها مثل هذه الوعود، فقبل 30 سنة من الآن أي في انتخابات 1992 مرشحا في دائرة بيوكرى بإقليم أكادير، أي مسقط رأس والده، أطلق كثيرا من الوعود، وهو يعرف أنه لن يحاسبه أحد عليها، لهذا لم يرف له جفن اليوم وهو يعلن عن توزيع مبالغ مالية قارة على المواطنين.
لو تم تطبيق هذا المشروع لكان جيدا، لأن كثيرا من المواطنين فوق 65 سنة في وضعية هشة جدا، حيث لا يتوفرون على تقاعد ولا ضمان صحي ولا هم يحزنون، لكن هذا مشروع يفوق قدرات حزب يتقدم للانتخابات، وسوف يحتاج إلى التحالف مع ثلاثة أو أربعة أحزاب لتمرير مشروع من هذا النوع، ورغم ذلك يبقى هذا المشروع فوق قدرات الحكومة نفسها، بمعنى هذا مشروع يحتاج إلى توافق كبير، أي أنه مشروع دولة، التي لا حزب لديها يمثلها في الانتخابات وتتعالى على الأحزاب والمكونات والتنظيمات.
فعندما منحت الدولة تعويضات للفئات الهشة التي تضررت جراء وباء كورونا، لم تعط سنتيما واحدًا من خزينة الدولة التي لا تتحمل ذلك، وإنما كانت هناك أوامر ملكية لتكوين صندوق لمواجهة جائحة كورونا، وتم تمويله من مساهمات خاصة، حيث ساهم فيه المغاربة بالكثير والقليل بل حتى بعشرة دراهم، وهو ما مكّن من توفير دعم مالي للأسر المعوزة، لكن خزينة الدولة ليست قادرة على التحمل باستثناء تحويل بعض النقط من موضوع إلى آخر، كتحويل أموال الاستثمار مثلا لاقتناء لقاح كورونا.
أما إذا كان عزيز أخنوش يلعب فقط على الوقت فهو يمارس الخديعة، لأن الدولة دخلت في مشروع تعميم التغطية الصحية لمجموع المغاربة بأوامر ملكية، وذلك في أفق سنة 2025، مع العمل على توسيع خدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حتى تتضمن في المستقبل توفير معاشات للمساهمين، وهذا مشروع الدولة وليس مشروع حزب سياسي.
الركيزة الثانية التي تمثل أيضا خديعة للمواطنين وهي “سرقة” بعض أهداف المشروع التنموي، التي من المتوقع أن تبدأ في الظهور عما قريب، ومحاولة تصويرها على أنها من منجزات الحكومات اللاحقة، فهذه مغالطة كبرى، لأن الأمر يتعلق بالاستراتيجيات الكبرى، وليس بالتدبير الحكومي المرتبط ببرامج انتخابية.
ولهذا نرى أن البرامج الانتخابية، هي في الواقع برامج للتطبيق في حال فوز الحزب في الانتخابات مائة بالمائة، لكن عمليا هذا غير ممكن، وبالتالي ينبغي تقديم مقترحات قابلة للاندماج في مقترحات الأحزاب الأخرى المحتمل دخولها في التحالف الحكومي من أجل تقديم تصريح حكومي يعقبه “التنصيب” البرلماني، وهي برامج في حدود المعطيات الواقعية والمالية المتوفرة وكل حزب يقترح مصاريف جديدة عليه أن يقترح مداخيل جديدة وإلا سنخسر الرأسمال العام.
وعود أخنوش..الحقيقة والوهم
