Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أحزاب المداورة والمخاتلة

رشيد لزرق
إعادة الثقة أو الأمل في الوقت الراهن الذي يعرف تحولات إقليمية، تطرح علينا تحديات ينبغي الإجابة عنها ومواجهة المؤامرات الخارجية والداخلية بإعمال الخيار الديمقراطي، ولعل العمود الفقري للديمقراطية هو المنظومة الحزبية وهنا نطرح التساؤل من جديد: هل التنافس السياسي حاصل على “مصلحة المغرب العليا” كما تدعي الأحزاب؟ أم إن الانتخابات مجرد ديكور شكلي يخفي دهاليز تقسيم غنائم الحكومة!؟.
بعيدا عن حملات التمويه الخيالية من خلال افتعال المعارك الوهمية “معركة جواز اللقاح” في وقت كان لازما إعطاء الحلول للتقلبات التي تعرفها أسعار المحروقات وانعكاسها على المواطن، إن تسمية الأمور بمُسمياتها، يقتضي الإقرار أن المنظومة الحزبية بحاجة إلى رجة حقيقية غير مُصطنَعة، رجة مدخلها الأساس إسقاط الفساد قبل أنْ يُسْقِطَ الوطن المغربي. لكون العديد من المؤشرات تشير إلى استحالة بلورة وتطبيق نموذج تنموي جديد، عبر التمديد لنخبة حزبية بالية وفاشلة هي التي ترعى الفساد. بل وقد كانت وسيلتها غير مشروعة للوصول للمؤسسات المنتخبة.
ويمكن الجزم أن البروفايلات الحزبية المطروحة لا تمكن الوطن المغربي من الوصول إلى مؤسسات منتخبة ذات مصداقية. ولعل ضمور الديمقراطية الداخلية لدى الأحزاب كان له وقع جسيم على مصداقية الاستحقاقات الانتخابية. وبات مطلب إعادة الثقة يقتضي لزوما تفعيل مبادئ الديمقراطية التشاركية وإحداث انفصال ظاهر مع الممارسة السياسية الحزبية بشكلها الحالي.
ولا ننسى أن تعطيل أحكام الدستور المتعلقة بربط المسؤولية بالمحاسبة، وإشكالية المنافسة واقتصاد الريع قد جعلت العرض السياسي في اتصال مع إشكالية تقادم النخب التي نهلت من ثقافة المزايدة والريع دون إنجازات تدبيرية. بل أعاقت مسار أملنا الكبير في تحقيق الطموح الجماعي ببلوغ مصاف الدول الديمقراطية الصاعدة.
بعد أن تأخر قطار الإصلاح الحزبي الديمقراطي، نتيجة تحويل عبارة: إسقاط الفساد إلى شعار انتخابي، تردده حناجر نخبة سياسية فاشلة، قد دأبت على تحويله إلى شعار استهلاكي في سياق الحملة الانتخابية المُضلّلَة. إذ لم يكن حامله الحزبي قادرا على تجسيده ميدانيا. وذلك نظرا لفشل الحكومة السابقة في التعامل مع هذا المدخل التنموي المبين.. فشل نخبة الديمقراطية التمثيلية في محاربة الفساد الذي اخترق مرافق الدولة في ظل إقرار غير معلن بالعجز عن محاربته.
الإشكاليات المطروحة أمام الحكومة الحالية تتجاوز الحديث عن إهدار المال العمومي في تزكية العبث الانتخابوي والتوريث غير الدستوري، بل الأمر يتعداه إلى مقاربة سؤال الديمقراطية التي لا تستقيم دون تفعيل المحاسبة. إذ إن المنظومة الحزبية الحالية هي التي تسببت في الفشل التنموي وفي انحسار مسار التحول الديمقراطي الكبير، ولا يعقل أن نَتهوّر بنسف المشروع التنموي الجديد عبر إدخاله في دوامة النخب المسؤولة عن فشل النموذج القديم. لأن الغرض الوطني من دسترة الاختيار الديمقراطي كان وسيظل تجديد فرص الإنجاز الإصلاحي وليس تأبيد القرار الحكومي بيد أحزاب المداورة والمخاتلة. فطالما هناك خطأ مرصود فلا بد من الوقوف على محاسبة الجناة.

Exit mobile version