حاول عزيز أخنوش رئيس الحكومة وحلفاءه الحزبيين رمي الكرة في شباك الحكومة السابقة، وتحميلها كل الكوارث، التي يعرف الجميع أنها مرتبطة بالحكومة الحالية، بل إن المغاربة كانوا سيتفهمون كثيرا من الإجراءات لو كانت الحملة الانتخابية متواضعة، بينما قدم من يقود الحكومة اليوم وعودا فلكية على ضوئها نال أصواتا كثيرة خولته المرتبة الأولى. بعد فشله الذريع في تدبير الشأن العام حاول تبرير ذلك بـ”الإرث الثقيل” للحكومة السابقة.
لا يمكن بأي حال من الأحوال الدفاع عن الحكومة السابقة في صيغتيها (بنكيران والعثماني) وهي كانت أكثر جرأة على ما هو اجتماعي، لكن انتقادنا لتدبير هؤلاء للحكومة لا ينبغي أن يكون مدعاة لنشر المغالطات، فالحقيقة الماثلة للعيان أنهم لم يكونوا لوحدهم. وأن أخنوش الذي يريد أن يمسح فيهم كل شيء كان شريكا فوق العادة لحكومة العدالة والتنمية. فما الذي كان يريد أخنوش فعله خلال الحكومة السابقة ولم يجد له سبيلا أو اعترض عليه أحد؟
حقيقة أن الحكومة السابقة ضيّقت الخناق على المواطن، لكن كما قلنا ظل أخنوش شريكا فوق العادة فيها، بل ظل يصول ويجول قبلها. فأخنوش دخل تجمعيا بعد أن غير قميصه السياسي مرتين وكان رئيسا لجهة سوس باسم الحركة، وعندما خرج التجمع من حكومة بنكيران بقي هو فيها بدون لون سياسي، بل إن بنكيران يقول إنه طلب من جلالة الملك أن يبقى معه أخنوش في الحكومة.
وبعد الولاية الأولى من حكومة العدالة والتنمية، أصبح رئيسا لحزب التجمع الوطني للأحرار يجر وراءه أربعة أحزاب سياسية في تحالف سياسي فاوض على حقائب وزارية مهمة، ونال كل مبتغاه، حيث حافظ على وزارته “الامبراطورية” التي تضم الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ونال التجمع وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة التجارة والصناعة ناهيك عن وزارات أخرى.
حاز التجمع مجموعة من الوزارات وكلها إستراتيجية وكبيرة وذات محتوى كبير، ورئيس الحكومة الحالي قضى 14 سنة في الحكومة بشكل متواصل، وكان تحت تصرفه صندوق يبلغ حجمه 52 مليار درهم، يسمى صندوق تنمية العالم القروي. وجزء كبير من الأزمة الحالية ناتج عن قلة التساقطات، فماذا فعل بالصندوق تجاوزا للأزمة؟
ألم يكن مسؤولا عن الاقتصاد والمالية؟ أليس هو من كان يهيئ قانون المالية؟ حتى أن بنكيران ما زال يجهل كيف حاز التوقيع على أموال صندوق تنمية العالم القروي؟ ألم يقدم قانون المالية إعفاءات ضريبية استفاد منها قيادي كبير في التجمع الوطني للأحرار كان أيضا وزيرا مهما؟ أليس بضغط من أخنوش والأحزاب التي كانت تدور في فلكه تم تحرير أسعار المحروقات دون تسقيف؟
صفة الشريك فوق العادة لحزب العدالة والتنمية في حكومتين لا تعفي أخنوش من المسؤولية ولا من الإرث الثقيل الذي يعاني منه المغاربة اليوم بل إن هناك إجراءات يمكن أن يتخذها بصفته رئيسا للحكومة مطلق اليدين قادرة على التخفيف من حدة الأزمة.
