Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أخنوش والافتقاد لسياسة الأمن الغذائي

اعتادت حكومة أخنوش منذ حلولها على رأس السلطة التنفيذية أن تربط موجة ارتفاع الأسعار بأزمة التغير المناخي والتساقطات المطرية وندرة الماء. مع شنّ روسيا الحرب على أوكرانيا، في مارس الأخير، لم تتأخر ذات الحكومة في إضافة هذه الحرب إلى مسببات الأزمة الضاربة في عمق الاقتصاد الوطني. وبما أنها مفتقدة للحلول الناجعة للمواجهة، لم تجد حكومة أخنوش غير الرفع في أسعار المحروقات وتضريب بعض القطاعات لتكون التداعيات وخيمة على الاقتصاد الوطني وعلى المعيش اليومي للمواطنين، ما يفسره ارتفاع التضخم إلى أرقام غير مسبوقة في تاريخ المغرب المستقل، ارتباطا بارتفاع الأسعار مقابل ضعف القدرة الشرائية، خصوصا بالنسبة إلى المواد الاستهلاكية الضرورية، ومنها المواد الغذائية بالأساس.
هكذا، وفي وقت بلغت أسعار اللحوم مثلا أرقاما فلكية في حسابات المواطنين، إلى درجة استعصى شراؤها، ربطت الحكومة ارتفاع الأسعار بالتساقطات المطرية والسعر الدولي للأعلاف ولتكاليف الرعي المرتبطة بقطاع التسمين، لكنها أغفلت واقع مهنة تسمين الأبقار المنتجة للحوم، وهي المهنة التي اتسعت دائرتها ولم تعد حكرا على كبار ومتوسطي الفلاحين، ما جعل المنافسة في سوقها مستعرة، وتجتاحها المضاربة الشرسة، لتصبح مهنة غير مربحة، في نظر غالبية كبار المنتجين، خصوصا مع فرض رسوم جديدة على استيراد الأبقار.
في بلد فلاحي، يبني اقتصاده على قطاع أولي تتسيده المنتجات الفلاحية وترتبط بالتساقطات المطرية، كان من الواجب على الحكومة الاستعداد الكلي للظرفيات الممكنة، بإيجاد حلول استباقية لمواجهة أزمات الأمن الغذائي وجعله أولوية من الأوليات إلى جانب الأمن المائي والطاقي من أجل تفادي السقوط في متاهة الأسعار المرتبطة أصلا بضعف القدرة الشرائية التي لا تنفصل بدورها عن متلازمة ضعف الأجور ومعدل البطالة. لكن من الواضح أن حكومة أخنوش التي لم تستطع مواجهة أزمة التضخم التي دخلتها الوضعية الاقتصادية للبلاد بسبب سوء تقدير المرحلة قبل سوء التدبير، ليس باستطاعتها أيضا، مواجهة أزمة أسعار غالبية المواد الاستهلاكية والغذائية بدرجة أولى، رغم أن بنك المغرب بذل مجهودات مكثفة للحفاظ على توازن صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو، مع الحفاظ على مستوى السيولة، وذلك في وقت كادت فيه قيمة الدرهم أن تفقد قوتها ضمن الأسعار المتداولة أمام الارتفاع الشديد، ليس للسعر الدولي للبترول والغاز وحدهما، وإنما لأهم المواد الاستهلاكية والغذائية، وفي مقدمتها زيت المائدة، ثم أسعار باقي المواد الغذائية، وعلى رأسها الحبوب والخضر والفواكه، عصب الأمن الغذائي للمغرب.
فالأمن الغذائي في ارتباطه بارتفاع أسعار أهم المواد الغذائية بالمغرب في الوقت الحالي، يبقى من الإشكالات الكبرى التي اتضح أن أخنوش وحكومته عاجزان عن احتوائها، على الرغم من أن أخنوش عمّر لمدة خمس عشرة سنة على رأس وزارة الفلاحة والمياه والغابات، وفي عهده تم إحداث برنامج المغرب الأخضر، الذي كان من غاياته الكبرى والأولى هو تحقيق الأمن الغذائي للمغرب والمغاربة مع الانفتاح فلاحيا وغذائيا على إفريقيا بمفهوم رابح ــ رابح، قبل أن يثبت الواقع أن خُضرة هذا البرنامج كانت فقط لصالح عينة محدودة من المنتجات الفلاحية مثل “لافوكا” وغيرها من المنتجات التي تنهك المخزون المائي والفرشة المائية الجوفية وأن خصوبة الأراضي المخصصة سلفا لزراعة أهم الحبوب تحولت لضيعات مغطاة لزراعات معدودة على رؤوس الأصابع..

Exit mobile version