Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أخنوش والهيمنة على “التخطيط”

لم يعد خافيا أن عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، يسعى للهيمنة على كافة المؤسسات، التي ظلت مستعصية على الإخضاع وحافظت على استقلاليتها، وآخر تلك القلاع التي يسابق زعيم “تجمع المصالح الكبرى” الزمن لتركيعها هي المندوبية السامية للتخطيط، فرغم أن البيان الصادر عقب استقبال رئيس الحكومة للمندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي علمي، تضمن جملا إنشائية حول العلاقة بين المؤسستين وحول احتياجات الأخيرة، لكن البيان يخفي كثيرا من الأمور التي لا يمكن فهمها إلا بربطها بالنزعة الهيمنية لدى أخنوش.
فليست المؤسسة الأولى التي يريد السيطرة عليها وإخضاعها لتدبير الحكومة، فقد حول المندوبية العامة للمياه والغابات إلى وكالة تابعة لوزارة الفلاحة، التي يديرها من خلال وزير اشتغل معه كاتبا عاما طوال فترة قيادته لوزارة الفلاحة والصيد البحري، وبعد أن تم له ذلك بدأت أنظاره تتجه نحو مؤسسات أخرى.
لأي هدف ولأي غرض يريد ذلك وما هي خلفيات هذا التوجه؟
بعد أن استتب الأمر لرئيس الحكومة من خلال هيمنة على الأحزاب بعد أن أقنع الأحزاب الأولى بالانضمام إليه، وترك في المعارضة حزبا سقط سقوطا حرا وآخر طرد إلى المعارضة وثالث يتعلم كيف يعارض فقط، وبعد أن هيمن على الإعلام واستقطب أغلب المؤسسات والنادر منها من ما زال يقاوم وهو يتجه لقتل جميع الرافضين لسياسة الإخضاع “الناعمة”، بعد كل ذلك الآن يريد أن يضع اليد على المؤسسات التي ما زالت تزعج حكومته.
المندوبية السامية للتخطيط مؤسسة مستقلة تعتمد معايير دولية في الإحصاء، وهي تقدم أرقاما حقيقية حول السكان وحول الأسر والاقتصاد والاستهلاك والأسعار وغيرها، وهي أرقام تزعج الحكومة، وتظهر وكأنها “تكذب” على المواطنين، لهذا ليس مستغربا أن يحاول أخنوش السيطرة عليها حتى تقدم الأرقام التي يريد هو لا هي.
لم يعد من مصلحة رئيس الحكومة أن تكون في المغرب مؤسسة مستقلة عن رئاسة الحكومة أو أحد القطاعات الوزارية، قادرة على قول “الحقيقة”، لأن المندوبية تقدم أرقاما غير مسيسة ولا هي تخضع لإيديولوجية إقناعية، وبالتالي قد تعري الواقع وتضع أمام أعيننا كما هو دون لف ولا دوران، وهذا ما لا يحبه أخنوش، الذي يتفاعل مع الأرقام بشكل انتخابي.
لكن إذا ما تم هذا الأمر، لا قدر الله، فهذا يعني قضم أغلب المؤسسات التي يمكن أن تمارس رقابة بشكل من الأشكال، ومن الخطورة بمكان أن تصبح المندوبية تحت سيادة الحكومة، ولقد جرب المغرب ذلك في أوقات سابقة حيث كانت تابعة لوزارة التخطيط ولم تؤت أكلها، ومن فكر في جعلها مستقلة إلى جانب مؤسسات أخرى كان يريد للمغرب أن ينخرط في الانسجام مع المعايير الدولية وبالتالي أية هيمنة ستضع المغرب في استشكالات مع المخاطبين الدوليين ناهيك عن فقدانه لآلية من آليات معرفة الواقع وتوقع المستقبل.

Exit mobile version