Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أخنوش وبنكيران وجهان لعملة واحدة

أظهر عبد الإله بنكيران، الأمين العام للعدالة والتنمية، قدرة على تجميع العدالة والتنمية، وربما نال إعجاب حتى مواطنين من خارج الحزب، ورغم أن تنظيمه السياسي تعرض لسقوط حر بتعبير الفيزيائيين ونزل من 125 مقعدا لـ13 مقعد أي أقل من فريق برلماني، فإنه ما زال متمسكا بالعودة، وخلال كلمته بالمجلس الوطني في دورته الأولى أشبع المستمعين بكلام أقل ما يقال عنه أنه كلام “حجاجي”، لهذا لم يبحث عن صوابية ما يقول ولكن عن قوته الإقناعية، وجاء مليئا بالتناقضات التي مررها كما يتم تمرير جرعة ماء.
بعد أن هاجم الصحافة أو أغلب الصحافة واعتبر الصحافيين “كذابين”، وهاجم حتى ما يسمى المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الزعماء السياسيين، استعمل منطق “يكوي ويبخ” مع عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، وبعد أن نعته بكبير الأوصاف واعتبره مسؤولا عن البلوكاج في 2016، بمعنى هو من طرده من الحكومة، وأنه لم يفعل شيئا خلال مدة وجوده في الحكومة، عاد ليقول من جديد إنه هو من طلب من جلالة الملك أن ينادي على أخنوش وزيرا للفلاحة ويبقى معه في حكومته وفي ذلك نظر، وأنه لا يمكن إسقاط حكومة لم يمض على تشكيلها وقتا طويلا، وحسم القول: لا يمكن أن يتبع الطبالة والغياطة، يعني من يحتج ضد الحكومة أو من يرفع شعار “أخنوش إرحل”.
اليوم يوجد أخنوش في الأغلبية وبنكيران في المعارضة. لكن بالأمس كانا حليفين، وكان أخنوش وزيرا في حكومة بنكيران، وأثنى على عمله، وحتى بعد البلوكاج بقي أخنوش وزيرا في حكومة العثماني وحليفا له وهذه المرة بصفته رئيسا للتجمع الوطني للأحرار، وخلال العشر سنوات التي اشتركا فيها وتقاسما الحكومة، تم تحرير الأسعار المتعلقة بالمحروقات دون تسقيف كما هو جار في كافة البلدان، وفي عهدهما المشترك ارتفعت الأسعار وفي عهدهما المشترك تم الإجهاز على الصناديق الاجتماعية.
وفي الحقيقة لا يمثل بنكيران وأخنوش شكلين مختلفين من تدبير الحكومة، باعتبار أن كلاهما لا يتوفر على تصور سياسي واضح، ولا يتوفران على برنامج حكومي اقتصادي واجتماعي وثقافي من خلاله يمكنهما تدبير الشأن العام، ولا يتوفران (كحزبين طبعا) على موارد بشرية قادرة على تسيير شؤون المغاربة، وتبين واضحا من خلال مقترحاتهما لتولي المناصب المهمة في البلاد، ولولا بضعة أطر تقنوقراط لكانت الأمور في أسوأ أحوالها.
فالمشترك بين الطرفين كبير جدا، فبنكيران استعمل الدين في ولوج بوابة السياسة وأخنوش استعمل المال في اختراقها، والأهم من كل ذلك، هو أن إدريس البصري، الوزير القوي في الداخلية، هو من أوردهما موارد السياسة، فعندما كان أخنوش رجل أعمال شاب أرسله عند عصمان وكان أول من استقبله هو بنطالب ومن هذه البوابة دخل رغم منعرجات ستكون في طريقه وسيغادر الحزب أكثر من مرة تم يعود إليه رئيسا، وبنكيران كان من أبناء الدعوة أو ما كان يسمى الصحوة الإسلامية وتم أيضا إدماجه في العمل السياسي وفق رغبة للملك الراحل الحسن الثاني بعدم إقصائهم رغم أن الدولة كانت تريد أمرا مخالفا وجيء ببنكيران انتقاما من رفض التيار الأقوى حينها الاندماج.
نعرف أن بنكيران كان قادرا على ممارسة الديموغاجية ضد المواطنين، وكانت لديه القدرة على إقناعهم بالزيادات، غير أن كلامه اليوم عن الحكومة وأخنوش وكثير من كلمات حق أريد بها باطل فهي كلها لا يمكن أن تُغير الواقع الموسوم بارتفاع الأسعار فوق أي قدرة يمتلكها المواطن. حتى لو تكلم بنكيران عشرات المرات فإن “الواقع لا يرتفع”.

Exit mobile version