Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أخنوش وديمقراطية الزووم والتصفيق

أنهى حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة، أشغال مؤتمره الوطني العادي بإعادة انتخاب عزيز أخنوش رئيسا. فكل حزب هو حر في طريقة تنظيم مؤتمراته وفق ما يتيح ذلك القانون، لكن لا ينبغي أن نسمع من أي عضو في الحزب أن يقول لنا “ماشي شغلكم”، فمؤتمر الحزب شغلنا وزيادة باعتبار أن الحزب وسيلة سياسية وأداة دستورية لتأطير المواطنين ويحصل على الدعم العمومي وهو الذي يفرز النخب التي تقود الحكومة. لهذا نجد لزاما علينا أن نكتب ما لاحظناه بخصوص هذا المؤتمر.
بداية ينبغي التذكير بأن حزب التجمع الوطني للأحرار هو من يقود الأغلبية الحكومية، ورئيسه هو رئيس الحكومة، وبالتالي من غير المستساغ أن يقدم النموذج البئيس للعمل السياسي وللديمقراطية، فالأحزاب لديها اليوم قيمة دستورية كبيرة بما أنها هي من تدبر الشأن العام عن طريق الانتخابات، وأي نموذج يقدمه ينعكس على البلاد كاملة.
في الوقت الذي وقع مع وزيره في الميزانية فوزي لقجع بصفته رئيسا للجامعة الملكية لكرة القدم قرار عودة جمهور كرة القدم، وعادوا بالآلاف، لم ينظم مؤتمره إلا بصيغة الزووم أي بعض الحضور والباقي عن طريق الفيديو كونفيرونس، وهي تقنية متحكم فيها بمعنى كل من يجرؤ على المعارضة يمكن إسكاته وفي النهاية يلصقون ذلك في عطب تقني، وبالتالي لم يكن مؤتمرا بالمعنى الكامل لهذه الصيغة الحزبية.
أما ثالثة الأثافي فهي أن الحزب الذي يقود الحكومة نظم مؤتمرا للتصفيق على الرئيس، الذي لا ينافسه أحد، وكأنه يعود بنا إلى أزمنة غابرة عندما كانت التنظيمات الثورية تفرض أن يبقى الزعيم في زعامته إلى الأبد، مع اختلاف الدور والتضحيات طبعا، وديمقراطية المائة بالمائة لم نعهدها حتى في الديمقراطيات الاشتراكية المركزية، التي كانت تترك نسبة من المائة للمعارضة حتى لو كانت شكلية.
حزب يقود الحكومة ينظم مؤتمرا دون وجود من يخالف الرئيس ودون وجود أوراق وتيارات، بل حتى التيار الرسمي، أي عزيز أخنوش، لم يقدم ورقة سياسية ولا ورقة اقتصادية ولا ورقة اجتماعية ولا ورقة تنظيمية، فبأي طريقة سيقود الحكومة؟
ما هو التصور السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار؟ كيف ينظر إلى الدولة والحكومة والعلاقة بالأحزاب والمجتمع؟ ما هي نظرته الاقتصادية أم سيُسقط رؤيته التجارية الشركاتية على الرؤية الاقتصادية الحزبية؟
في وقت سابق كان حزب التجمع الوطني للأحرار، ورغم نعته بالحزب الإداري من قبل المعارضة، يتوفر على إديولوجية، وكان يتبنى بوضوح الوسطية الاجتماعية وقد انعكست في سلوكات الحزب في مراحل دقيقة عندما أراد الملك الراحل حل الاتحاد الاشتراكي وعندما قررت الدولة منع صحف التقدم والاشتراكية، عارض أحمد عصمان ذلك أو خلال مشاركته في حكومة عبد الرحمن اليوسفي. لكن اليوم لا يوجد شيء من ذلك سوى ديمقراطية التصفيق على الرئيس ومن معه وهذا يقدم نموذجا سيئا للديمقراطية بالمغرب.

Exit mobile version