Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أخنوش يهدد الأمن الاجتماعي

ما معنى أن تخرج مركزية نقابية مشاركة في الحوار الاجتماعي، لتقول إن هناك نقابات تساهم في تكريس الأسعار المرتفعة بتواطئها مع الحكومة؟ ألم يحاول أخنوش حتى قبيل الانتخابات من توقيع اتفاق مع أكبر مركزية نقابية؟ ألم يجمع الأحزاب الكبرى، أي التي حصلت على مقاعد مهمة في الأغلبية كي يضمن عدم وجود معارضة قوية؟
هذا التوجه أفرغ الساحة من أي عمل يمكن أن يضمن الحد الأدنى من الاحتجاج على غلاء الأسعار وكثير من إجراءات الحكومة، وهو ما تشتكي منه مركزية نقابية، بمعنى أن الساحة اليوم “يتبورد” فيها رئيس الحكومة لوحده، وبالتالي أصيب بجنون العظمة المصطنعة، فأضحى لا يبالي بأي صوت يرتفع، لأن كل الأصوات بالنسبة إليه تساوي ثمنا معينا حسب ما يسر لأصحابه في الجلسات الخاصة.
لكن خطورة هذا التوجه سيعيشها المغرب في المستقبل القريب، إن لم يتم لجم أخنوش وتعليمه كي تدار شؤون البلاد. في مقابلات لكرة القدم خرج شباب الإلترات بشعارات راديكالية خطيرة، ومعروف أن الإلترات هي مجموعات مشجعي فرق كرة القدم، فما الذي دفعها لترفع هذه الشعارات؟
بعد فراغ الساحة من الأحزاب السياسية، باعتبارها هي الآلية لتأطير المواطنين، وبعد فراغها من النقابات، التي هي آلية تأطير الموظفين والعمال، وبعد فراغ الساحة من المجتمع، الذي هو آلية التأطير الاجتماعي والثقافي للشباب وانغماسه في البحث عن الدعم، بعد كل ذلك انتقلت أماكن الاحتجاج إلى مواقع أخرى، وهي ليست مواقعها الطبيعية.
هنا يكمن الشيطان. في هذه التفصيلة يسكن الخطر الداهم إن لم نستيقظ. عندما ينتقل الاحتجاج من مكانه الطبيعي إلى أمكنة أخرى قد يتحول إلى الفوضى، فالاحتجاج المؤطر عن طريق الأحزاب السياسية لن يتجاوز الأطر القانونية، التي تسمح بها النصوص التي تخضع لها التنظيمات السياسية، وهو احتجاج مضبوط، والنقابات تقوم بدورات تكوينية في طرق التفاوض النقابي وفي آليات الاحتجاج.
لكن من يضمن ألا تنفلت الأمور عندما يقود الاحتجاج شباب الإلترات؟ أحيانا تجتمع في ملعب واحد أكثر من خمسين ألف مشجع، يرفعون “تيفو” واحدًا ويرددون شعارات واحدة تتعلق بتشجيع فريقهم. لكن ها هم اليوم يرفعون شعارات سياسية. لا يمكن طبعا أن تمنعهم من ذلك وهم يقومون بمجرد التعبير عن أفكارهم. لكن الحكاية أوسع من ذلك بكثير.
مرارا تخرج جماهير مشجعي فرق كرة القدم عن طورها وتتحول إلى بركان هادر يدمر كل ما يجده أمامه، وهو يحتج على خسارة مباراة في كرة القدم، فما بالك لو خرجت تحتج على خسارة المباراة ضد الحكومة؟ هذا ما ينبغي الانتباه له قبل فوات الأوان وقبل أن تقع الفأس في الرأس، لأن هذه الأمور قد تتحول إلى كارثة، ولا يبدو أن أخنوش يفكر في هذا الموضوع أو يسمع حتى من يتحدث عنه.

Exit mobile version