عندما نتحدث عن أزمة أخنوش فإن الأمر يتعلق هنا بعزيز أخنوش، رئيس الحكومة، وليس عزيز أخنوش صاحب الهولدينغ الكبير، الذي ربما تزداد أرباحه عندما يشتد الخناق على المواطن المغلوب على أمره، سواء الذي صوّت على التجمع طمعا في واقع أحسن أو الذي فُرض عليه فرضا من خلال نتائج الانتخابات، ولكن الأزمة التي يعيشها رئيس الحكومة اليوم تزداد بحكم أن الخناق يشتد حوله، والأوضاع تتفاقم ويزداد التوتر، والحكومة غير قادرة على التفاعل مع نبض الشارع.
عشنا ثلاثة أيام من إضراب أرباب النقل، الذين قرروا تمديد المدة، بل قرروا أيضا تنظيم مسيرة طويلة بالسيارات والشاحنات، وهذا الإضراب سيخلق اضطرابا في السير العادي لحياة المواطنين، باعتبار أن المعيش اليومي مرتبط بالنقل، وكلما ازدادت كلفة النقل ازدادت كلفة الحياة.
ما معنى الذي يحدث في البلد؟ ما دلالة أن ينفذ أرباب النقل إضرابا عاما ولا تجلس معهم الحكومة للحوار؟ ألا يدل ذلك على أن الحكومة تركت المجتمع يعيش لحاله؟ وهذا يعني أن الحكومة تركت مشاكل الشعب يتم تصريفها وسط الشعب، فبدل أن تبحث مع أرباب النقل عن حلول لمشاكل ارتفاع أسعار المحروقات، ستتركهم إما عرضة للخسائر أو أنهم يلجؤون إلى زيادات تضر أيضا بجيوب المواطنين، وتكون الحكومة قد ضربت جزءا من الشعب بجزء آخر.
لكن هذه الحكومة لا تريد أن تفهم أن دوام الحال من المحال، وأن استمرار الأوضاع كما هي ليس حقيقة ثابتة، لأن الناس لن تصبر على حكومة لا يربطها بها رابط، حيث إن تجمع المصالح الكبرى لا يفكر في أصحاب الحياة البسيطة، ولهذا ستزداد دائرة الغضب، وأينما حل أخنوش ومن معه سيسمعون “إرحل”، لأن وجوده لم يعد مجديا.
في كل دائرة هناك اتساع لرقعة الاحتجاج على الحكومة ورئيسها، حتى إن المواطن، الذي صوّت لصالح هذا الحزب من أجل تغيير أوضاعه أصبح يتمنى أن تعود تلك الأوضاع، لأن هذه الحكومة ليست لها فرامل فيما يتعلق بالإجراءات غير الاجتماعية التي تتخذها، وكل يوم يستيقظ المواطن على زيادات جديدة.
بالأمس خرجت أكثر من 40 مدينة احتجاجا على غلاء الأسعار. ورفع مواطنون شعار إرحل في كل مكان، واكتفى الناطق الرسمي باسم الحكومة ليقول إن هناك من خلق 1500 حساب في فيسبوك ليقوم بالتشويش على الحكومة. من أخبره بأن هذه الحسابات هي بهذا العدد وليس أقل ولا أكثر؟ وهل المواطن الغاضب في مدينة صغيرة لا يعرف أصلا مواقع التواصل الاجتماعي يوجد من حركه؟ قد يكون من يستغل الفرصة، لكن ليست هناك جهة تدفعهم لذلك سوى الحكومة نفسها التي تُخرب بيتها بيدها ودون مساعدة من أحد ولا مؤامرة ولا غيرها. فالإجراءات التي تقدم عليها هي وحدها الكفيلة بإسقاطها أو سقوطها الذي سيُسمع صوته عاليا فالكل ينتظر.
أزمة أخنوش تتعمّق
