Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أزمة ثقة

طارق ضرار

عندما تَصُم الأذان عن سماع صوت الحق، وتلجم أفواه الصدق، وتلهث ألسنة الكاذبين في البلاد.. فتلك مصيبة، والمصيبة تتعاظم عند رفض النصيحة من العلماء، أليس الله عز و جل قال عنهم في كتابه المحكم ،” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ”… فمرتبة العلماء في أي من العلوم تبقى المنار و السبيل لنجاة الأمم..و أما تغييب العلماء و التهافث بـ”التفاهات” على قولهم و السخرية من مقالاتهم و خطابهم وعلمهم فذاك ما ذهب اليه ابن خلدون ببداية تدهور الأمم… للأسف اليوم نعيش بعضا من التخلف الفكري و الرفض العلمي في صورة تدراجيدية بـ”أزمة ثقة” بين الناس و العلماء… فهناك طرف يدعو الى أمر ما و الالتزام به لتجنب الكوارث و الانتكاسات الصحية في البلاد بتلقي الجرعات من اللقاحات و الالتزام بتدابير صحية بناء على دراسات علمية دقيقة و في الجهة الأخرى طرف يرفض يسخر و يشك و يصف الأمر بالمؤامرة و أحيانا يتطاول على العلماء بأنه أفقه منهم و أكثر علما منهم ..حتى أعلن و دون سابق انذار تفوقه في العلوم و الأبحاث و الحقائق.. بعدما قلب بعضا من صفحات “اليوتيوب” و سبح على “الفايسبوك” حتى أضحى معها الجاهل عالما…
لاشك أن الأمم ضاعت مع ضياع العلم و الفكر وسيادة الجهل و التخلف، ذلك ما نعيش بعضا منه اليوم، فعندما يخرج علينا عالم من علوم الأوبئة أو البيوتكنولوجيا، ليخبر الناس عن فترة قد يسود فيها المرض و يتفشى في الفيروس قبل موعده بناء على دراسات و أبحاث علمية داعيا الناس الى الحذر منه، و تجد الناس غائبة غير مقبلة عن الخبر غير مهتمة أو بالأحرى رافضة لما يقوله العالم ، لا لشيء سوى لكونه يطل علينا من التلفزة الوطنية وعند البعض كل ما جاء في القناة الرسمية هو يدخل ضمن التعليمات أو “قالو له أن يقول ذلك” وتلك مصيبة أكثر أن بعضا من الناس لا يزال يؤمن بتلك الأمور من زمن ادريس البصري يوم كان وزيرا للداخلية وللأنباء ومشرفا على التلفزة الوطنية، حتى يقع المرئ في شراك الشك و الضياع باحثا عن الحقيقة في منصات “اليوتيوب” التي تعج بالحمقى وتوزع الكلام على عواهنه، والغريب أن أعدادا كبيرة تثق بمجهولين يدعون الناس الى الابتعاد عن اللقاحات بدعوى التسبب في العقم و العجز الجنسي وتارة بزرع شرائح الكترونية لتتبع الانسان أينما رحل و إرتحل.. وكلها أمور تدخل في ضرب الأمن الفكري للمجتمعات …

الجميع يجمع على أن الاعلام الرسمي والتلفزيون لم يلعب الدور الكافي في جل المواطن يثق في اعلامه الرسمي، عبر برامج تثقيفية و توعوية تتيح مساحات واسعة للفكر و النقاش و الحوار وتربية الأجيال على العلوم و الفسلفة لتنوير الرأي العام، حتى أصطدم ذات الاعلام بفئات تنبده و لا تثق فيه، في يوم جاء علينا يحثم ضرورة اتباع ارشادات علماء الصحة الذين يطلون من ذاك الاعلام الرسمي.. وعندما تصل أزمة ثقة بين المواطن و التلفزيون الى رفض الارشادات من علماء الصحة و عدم التزام الناس بدعوات تلقي اللقاحات وارتداء الكمامات حتى يزج التعنت و الرفض بالانسان في عداد الموتى بسبب “كورونا”.. فالمسؤولية تقع بلاشك على تاريخ تلفزيون رفض التنوير و دعم التفاهة و رفض الإخبار ودعم الترويج و “البروبغندا” و الدعاية، واستخف بالعقول حتى أضحت تلك العقول نافرة منه رافضة لخطابه في يوم هي في أمس الحاجة للاستماع الى علماء يطلون منها لإنارة دروب الناس صحيا و تفادي الموت في براثين الوباء..

Exit mobile version