Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أسئلة ملتهبة نطرحُها على حكومة أخنوش

محمد فارس
التاريخ لا يرحم، والتاريخُ لا يُهْمِل، والتاريخُ هو سجلّ أخطاء البشرية، فسوف يذكُر المؤرّخون أن أضْعَف حكومة عرفَها [المغرب] كانت هي حكومة [أخنوش]، أو حكومة التّجار، وباعة المحروقات التي أَحرقت جلودَ المغاربة، وزادت من عدد الفقراء الذين يئِنّون في صمْت فلا يُسْمع أنينُهم.. لقد جاءت حكومة [أخنوش] إلى السلطة في وقت صعب، وفي ظروف دقيقة، وكان من المفروض فيها أن تتحلّى بالحكمة وتتميّز عن سابقاتها بالسياسة الحكيمة، ولكنّها للأسف الشديد، بدتْ لِلْمَلإ أنّها حكومة لا تربطها بالشعب أيّة رابطة، لأنّها تخدم التّجار، والمحتكرين، والباعة، والمكدِّسين لثروات الأمّة، والمستهدفين لأقوات المواطنين البسطاء.. والحكومةُ مفروضٌ فيها أن تكون الحارس اللّيلي لحقوق المواطنين ومصالحهم على حدِّ تعبير الفيلسوف الكبير [جون لوك]، ولكنّ حكومة [أخنوش] كانت الحارس لمصالح التجار، والباعة الكبار الذين يَعيثون في البلاد فسادًا ويضيفون إليها كسادًا شاملاً..
قال السيد [أخنوش] في آخر تصريح له، إن العراقيل توضعُ أمام حكومته لأنّها في الطريق الصحيح؛ ونحن نقول له إنّ الحكومة هي ما تفْعله لا ما تقوله؛ وما تفْعله الحكومةُ لا يخْدُم مصالح الشعب، ولا يَستجيب لانتظاراته، والطريقُ الصحيح الذي تسلكه، هو الطّريق إلى الثّروات يكدِّسها التجارُ والباعةُ بلا ضمير.. فماذا فعلتْ حكومة [أخنوش] منذ تولّيها مسؤولية تدبير شؤون هذا البلد؟ ماذا حقّقتْ في كذا قطاع؟ فالصحة ازدادت تدهورًا؛ والتعليم ازداد تأزّمًا؛ والقدرة الشّرائية عرفتْ تراجعًا ونحن الآن ننحو نحو مجاعة شاملة؛ وظروف الإدارات عرفت تشنّجًا ملحوظا، والصّناديق الاجتماعية مثل صناديق التقاعد آيلة إلى الإفلاس الأكيد؛ وقطاع الصّحافة عرف إكراهات شتّى وصعوبات جمّة، اللّهمّ ما كان من صحافة (الطّبالة) التي تنْسب لِحكومة [أخنوش] إنجازات وهمية؛ وقطاع الفلاحة عرف مواسم عجاف، و[المغرب الأخضر] صار [مغربًا أصفر]، تعلوه صُفرةُ المرض، وبدَا شاحبَ الوجه، مُقَوَّسَ الظّهر حتى أَثْقل الإملاقُ مَمْشاه، وعلت الشُّحوبُ محيّاه، واحرَّ قلْباه!
سوف يرتبط تاريخُ حكومة [أخنوش] في أذهاننا بفضائح هزّتْ بلادنا، وجعلت اسم [المغرب] على كلّ لسان، وتناقلتِ القنوات والمواقعُ أخبارنا، وهي أخبارٌ لا تشرِّفنا، بل تنزل بنا إلى الحضيض؛ وأمام هذه الفضائح، بلعَتْ حكومةُ [أخنوش] لسانَها وكأنّ الأمر لا يعنيها، فيما الأمرُ يتعلّقُ بِسُمعتنا، وشرفِنا، وكرامتِنا، ومن أبرز هذه الفضائح، فضيحة الدّبلوماسيين الثّلاثة الذين قضوا ليلةً ماجنةً مع مومسات كولومبيات، فسَرقْن وثائق سرّية من هؤلاء بعدما نوّمْنَ الدبلوماسيين الماجِنين، وتركنهنّ عراةً، بادية عوراتُهم للجميع، والجهة التي أخبرتْنا بهذه الفضيحة الأخلاقية هي الصّحافة الكولومبية وليست وسائل الإعلام الرّسمية لحكومة [أخنوش] الذي لم يعلِّق على الحادث، ولم يتخِّذْ أيّ إجراء باعتباره رئيسًا للحكومة، ولم يعْزِل السّفيرة، ولم يعْفِ وزيرَ الخارجية من مهامِّه كما يحدُث عادة في البُلدان الديمقراطية وفي دول الحقِّ والقانون.. لقد برهنتْ هذه الفضيحةُ على طبيعة السّفراء والدبلوماسيين الذين يتمُّ تعيينُهم في كذا دولة لخدمة القضايا الوطنية في الخارج؛ لا، بل برهنَت هذه الفضيحةُ المدوّية على مدى الفساد الذي استشرى في البلاد، وانتَشر كالنّار في الهشيم..
وبعد وقت وجيز، صُدِمنا بفضيحة أخرى أكثر إيلامًا من التي سبقتْها، وتتمثّل في تحرّش جنسي تعرّضتْ له فتيات مغربيات وكان المجرمُ ينتمي إلى سفارة أجنبية بالرباط، فلم تُحرِّكْ حكومة [أخنوش] ساكنًا، ولم تعلّقْ، ولم تتّخذْ أيَّ إجراء حاسم في الموضوع، والأمرُ يتعلّق بشرف المغاربة وكرامتِهم.. كان على [أخنوش] لو كان رئيس حكومة شهْما، وقويا، ووطنيا صادقا، أن يَستنِد في إجرائه على خطاب العرش الذي خَصّص جلالة الملك ثُلثَه للحديث عن حقوق المرأة المغربية وكرامتِها.. كان على [أخنوش] أن يتّخذَ قرارًا حاسمًا ويُصدِر أمْرَه للجهات المعنية بإلقاء القبض على هذا المجرم ليحاكَم طبقًا لقوانين الدّولة التي يوجد فيها، ولا حقَّ لدولتِه التّدخُّل في مسألة مغربية داخلية، بل يَبقى من حقِّها إرسال محامٍ للدفاع عنه؛ أما الحصانةُ الدبلوماسية فلا حقَّ له فيها البتّة.. وإذا كان هذا السّفيرُ المجرم [un obsédé sexuel]، فإن الطّبيبَ النّفسي، إنْ تبيّـنَ له أنّه [un obsédé]، فإنّه يُعْفى من الـمُحاكمة، لكنّه يحال إلى مصحّة نفسية.. هذه الفضيحة تذكِّرنا بفضيحة [الكوميسير ثابت] في أوائل التسعينيات الذي حكَمنا عليه بالإعدام، ولكن حكومة [أخنوش] لا يهمُّها شرف، وعِرض المغاربة، بل يهمُّها جمْع الثّروات وتكديس الأموال.

Exit mobile version