في مساءٍ مفعم بذكريات الفن ووهج الطفولة وأصداء العود، أُسدل الستار، يوم الأحد 6 يوليوز 2025، على الدورة الصيفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي في نسخته السادسة والأربعين، وسط أجواء احتفالية تختزل روح المدينة وتاريخها الطويل مع الجمال والمعرفة.
الدورة، التي نُظّمت تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، وبشراكة بين مؤسسة منتدى أصيلة ووزارة الثقافة وجماعة المدينة، لم تكن مجرد محطة ثقافية عابرة، بل كانت ملتقى للأجيال، ومنصة حية لتكامل الفنون والطاقات الشابة.
من أزقة المدينة العتيقة، تنفست الجدران ألواناً جديدة بفضل ورشة الجداريات التي قادها الفنان المغربي عبد القادر المليحي، وجمعت بين تجارب فنية من المغرب، أوروبا، والشرق الأوسط. أسماء بارزة في التشكيل مثل الروماني باتيستا، الفرنسي موسات، والسوري خالد الساعي، نسجوا لوحاتٍ عابرة للحدود، بينما منح الفنانون المغاربة للفضاء روحاً محلية نابضة.
الأطفال أيضاً لم يكونوا مجرد متفرجين، بل كان لهم حيزهم الخاص. أكثر من أربعين طفلاً شاركوا في ورشة للرسم على الجداريات تحت إشراف الفنانة كوثر الشريكي، كما كتبوا نصوصاً مستوحاة من تلك الأعمال في مشغل التعبير الأدبي، ليمتزج الشعر بالسرد والرسم في تفاعل فني نادر جمع الصغار بالكبار.
وفي مشهد يعيد الاعتبار للفن المسرحي كأداة تربوية وتنموية، نظمت جمعية “زيلي آرت” ورشات في المسرح والتنمية الذاتية داخل فضاء “دار الصباح للتضامن”، استفاد منها العشرات من النساء والشباب، بتأطير فنانات مغربيات لامعات مثل خلود البطيوي وفاطمة بوجو.
إلى ذلك، كانت الموسيقى حاضرة بقوة من خلال ورشة نظّمها معهد البحرين للموسيقى الشرقية، حيث تعلّم خمسون طفلاً أساسيات المقامات العربية والموشحات الأندلسية، واختتموا رحلتهم بعزف جماعي أمام جمهور ضم الأهالي وفنانين وضيوف الموسم. المعهد ذاته كان قد افتُتح في أكتوبر 2024 بتمويل من ملك البحرين، ما يعكس بُعد التعاون الثقافي العربي.
في مركز الحسن الثاني للملتقيات، عُرضت منشورات منتدى أصيلة ومعرض “تشكيليات فصول أصيلة 24”، الذي يمتد حتى سبتمبر المقبل، ويقدّم بانوراما بصرية لأعمال فنية من تسع دول، إضافة إلى إبداعات الأطفال المشاركين.
ولأن الموسم هذا العام جاء مقسمًا على ثلاث دورات، كانت الدورة الربيعية قد احتفت بالفن التشكيلي في أبريل الماضي، على أن تتواصل الدينامية الثقافية مع الموعد الخريفي بين 26 شتنبر و12 أكتوبر 2025.
في نهاية المطاف، لم تكن الدورة الصيفية مجرد مناسبة فنية، بل كانت وعدًا يتجدد كل عام بأن في أصيلة، لا تنتهي الفصول… بل تتعاقب على إيقاع الجمال.