Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أقلام من بقايا “تاريخ البصري”

لا أحد يمكن أن يكون وصيا على مواقف الآخرين، لكن يلزم التمييز بين الموقف وبين الوظيفة، ومعروف أن كثيرا ممن نختلف معهم نُلزم باحترامهم، حتى وأننا نعتبرهم “حمقى” أحيانا، فقط لأنهم مبدئيون، لكن الأقلام الوظيفية، هي التي لها القدرة على التكيف مع الوقت والكتابة بكل أنواع المداد وألوانه. أخيرا رفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ “أخنوش إرحل” مصحوبا بثمن معقول للمحروقات.
لا يمكن الاختلاف على أن مطلب عودة أسعار المحروقات إلى سابق عهدها قضية لا تهم واحدا دون الآخر، ولكن الجميع تضرر منها إلا من يستغل منصبه في استعمال “الغازوال” مجانا، ومهما قيل عن الهاشتاغ يبقى معبرا عن الواقع، وكل الدفوعات الشكلية لدفاع عزيز أخنوش لا يمكن أن تصمد أمام جوهر القضية، الذي هو غلاء المواد الاستهلاكية بسبب إجراءات غير اجتماعية اتخذتها الحكومة، وبسبب جمع أخنوش بين رئاسة الحكومة وزعامة “تجمع المصالح الكبرى”.
لا يهم ما ذهب إليه دفاع أخنوش من كون الحملة ممنهجة ويقودها خصومه السياسيون، بل ذهب إلى أن الحسابات وهمية، مما اضطر عشرات المئات من الأشخاص ليعلنوا أن حساباتهم حقيقية وليست وهمية، وبغض النظر عن هذا الدفع، فالهاشتاغ تحول إلى شعار في تيميتار ويمكن أن ينتقل إلى أي مكان تطؤه قدما أخنوش.
الملاحظ أنه بعد أن هيمن أخنوش على الإعلام وبعد حملة الذباب الإلكتروني، لم يستطع تجاوز هاشتاع إرحل، فسطا على الإعلام العمومي ليمرر رؤيته، مع العلم أن الإعلام العمومي يمول من جيوب دافعي الضرائب، وهو ينقل أخبار الوزراء وأنشطتهم كما ينقل محنة أصحاب الدواوير مع الماء، لكن أن يصبح طرفا في معركة بين الغاضبين على أخنوش وبين هذا الأخير هنا يفقد صفته، ولا يستحق أن يستمر في استهلاك المال العام، وليعلن عن أنه لم يعد عموميا ويموله أخنوش كي يدافع عنه.
وفي هذه الحملة لم يجد أخنوش من يدافع عنه سوى صحفيين وجامعيين ممن تبقى من تاريخ الهيمنة المطلقة على الإعلام من قبل وزارة الداخلية في عهد إدريس البصري، وحتى ونحن نقول إن البصري ذهب إلى مصيره المحتوم نسينا أنه ما زال متمددا في أشخاص وفي كيانات، لا تريد القطع مع تلك المرحلة ومع سلوكاتها، دون أن ننسى أن وزير الداخلية الأقوى في تاريخ المغرب هو من استقطب عزيز أخنوش في شبابه إلى العمل السياسي.
من يقرأ ما كتبته الأقلام المتبقية عن البصري ومخلفاته ضد الحملة ضد أخنوش، والمنشورة في وسيلة إعلام عمومية، يشم تلك الرائحة التي قطع معها المغرب منذ زمن بعيد، بل تم نسخها بشكل كبير بعد الاستجابة الملكية السريعة لمطالب الشارع وصياغة دستور جديد بصلاحيات واضحة والمصادقة عليه وتنزيله، ومن يدير صراعاته بهذه الطريقة يسعى للانقلاب على الدستور وهذا وجه من أوجه الانقلاب التي تحدثنا عنها في افتتاحية سابقة.

Exit mobile version