Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أمريكا هي الأصل في خلقِ أعدائِها عبر التّاريخ

محمد فارس
الآن، مِن بيْن العقوبات التي يلوِّحون بها ضدّ [روسيا] هو طردُها من مجلس الأمن الدولي كعضو دائم لأنّه ليس هناك نصّ أُممي يعتبِر [روسيا] وريثًا شرعيًا للاتّحاد السوڤياتي، ونحن نسألهم: من هُمُ الأعضاء الدّائمون في مجلس الأمن؟ فيُجيبون بأنّهم المنتصرون في الحرب العالمية الثانية؛ فنسألهم: وعلى مَن انتصرتِ [الصين] في الحرب العالمية الثانية فاحتلّت مقعدها كعضوٍ دائم؟ ثمّ نسألهم: ولماذا مازلتم تعتمدون [حقّ الڤيتو] الذي فرضه [ستالين] زعيمُ الاتّحاد السوڤياتي وقد باد واندثر، وكان من المفروض إلغاءُ هذا الحقّ من مجلس الأمن الدولي بعد انهيار المعسكر الشّيوعي؟ لماذا تحتفظون به وأنتم تعتبرون أنّ [روسيا] ليست وريثًا شرعيًا للاتّحاد السّوڤياتي البائد، أم فيه مصالح لكم، ومظالم تقترفونها به في حقّ الشعوب المقهورة، وتخدمون به مصالحَ [إسرائيل] في أرض [فلسطين] المحتلّة؟ إذن كفاكم نفاقًا وتلاعُبًا بقضايا الدّول! المنطقُ يفرض أن يزولَ مقرّ الأمم المتّحدة من [نيويورك] وينتقل إلى دولة لها تاريخ نظيف ولا عداءَ لها مع دُول العالم حتى تعود إليها المصداقية وتُمارس مهامّها بشكلٍ فعّال؛ فأمريكا دولة تَسْعى إلى الهيمنة، وتوظّف الأمم المتّحدة لصالحِها أو تتجاهل قراراتِها ولا تحسِب حسابًا لتحفّظاتها وقد رأيت كيف اكتسحت [أمريكا] [العراق] سنة (2003) دون موافقة الأمم المتحدة واستندت إلى كذْبة مفضوحة اسمُها [أسلحة الدّمار الشامل]..
وليعْلم القارئ الكريم، بأنّ [أمريكا] هي الأصلُ في خلقِ أعدائها، فأصدقاؤُها دائمًا وبسبب سياساتها، يُصبحون خصومًا ومن ألدّ أعدائها، فهي دولةٌ غير موثوق بها تاريخيًا، وسنعطي جردًا لبعض الأصدقاء الذين تحوّلوا بسبب السّياسة الأمريكية إلى خصوم وأعداء.. ركّزْ معي سيّدي القارئ الكريم، وإن كان لديكَ شكّ في ما أقول، فارجِعْ إلى صفحات التّاريخ من فضلِك!
(1 كان الزّعيم الڤيتنامي [هوشمين] صديقًا حميمًا للعمّ [سام]، وكان في رسائله للرئيس الأمريكي، يبدي إعجابه بالرئيس [جورج واشنطُن]، وبعد عدّة رسائل التمس فيها [العمّ هُو] مِن [العمّ سام] مساعدتَه على إحراز استقلال بلاده، فلم يتَلقَّ [هوشِمين] أيَّ جواب من الرئيس الأمريكي، فتحوّلَ نحو [روسيا] وقصّة حرب [ڤيتنام] معروفة..
2) بعْد الثّورة الكوبية، وفرار الدّيكتاتور [باتِيسْطا] حاملاً معه أموال البلاد، سافَر [فيديل كاسترو] إلى الولايات المتحدة الأمريكية لعقد علاقات ودّية وطَلب مساعدات أمريكية، لكنّ الرئيس الأمريكي [أَزنهاور] رفضَ استقباله، فأُصيبَ [كاسترو] بصدمة وخيبةِ أمل، فاتّجه لأول مرّة نحو [روسيا] فوجد حُسْن الاستقبال والتّفهم لمطالبِه..
3) بعْد استقلال [الكونغو كينشاسا]، سافر الزّعيمُ الكونغولي [باتريس لومومبا] لمقابلة الرئيس الأمريكي لعقد علاقات صداقة وتعاون، لكنّ الرئيس الأمريكي رفض استقباله، فأُصيب [لومومبا] بخيبة أمل، فاتّجه نحو [روسيا]، ويؤكّد المؤرّخون أنّ قَتْل [لومومبا] كان بأمرٍ من الرئيس الأمريكي شخصيا وقد لعبَت [السِّي، آي، إي] دوْرًا..
4) كانت علاقة [صدّام حسين] سمنًا على عَسَل مع [أمريكا]، وكان عملاءُ [السِّي، آي، إي] يصولون ويجولون في [العراق] بحرية، فجأةً اكتشف [صدّام حسين] خذلان [أمريكا] وخداعَها له، فتحوَّل إلى عدوٍّ لدود، وهو ما ظهرتْ آثارُه لِلعيان خلال العُدْوان الثّلاثيني..
5) كان [بنلادن] من صُنْع الأمريكان، وكانوا يمدوّنه بالسّلاح، ويُثْنون عليه، ويقولون إن الإسلامَ هو كذلك دينُ توحيد مثل المسيحية واليهودية، ولما تَمَّ جلاءُ [الرّوس] عن [أفغانستان] تغيّرتْ سياسة الأمريكان، وأدرك [بنلادن] أنه كان مجرّد وسيلة لا أقلّ ولا أكثَر، فتحوّلَ رغمًا عنه إلى عدوٍّ للأمريكان الذين صنّفوه كإرهابي، وقتلوه..
وأخيرًا [بوتين]، الرئيس الروسي؛ كان [بوريس يلتسين] صديقًا حميمًا للرئيس الأمريكي [بيل كلينتون]، ولما تولّى [بوتين] رئاسة البلاد، كانت له علاقة ودّيةٌ مع الرئيس الأمريكي الجديد [جورج بوش الابن]، وكان [بوتين] يزوره في [البيت الأبيض]، ولم يَكُن وقْتها أية شائبة تشوب العلاقات الرّوسية الأمريكية، لكنْ يوم طلبَ [بوتين] الانضمام إلى حِلف [النّاتو]، رُفضَ طلبُه، فعاد [بوتين] من جديد إلى سِجِلاّت المخابرات التي اشتغل فيها، وأدركَ أنّ [أمريكا] هي عدوٌّ تاريخي لِـ[روسيا]، وأنّ زمنَ الحبّ والغراميات قدِ انتهى مع الأمريكان، وأنّ [روسيا] عليها أن تستعدّ لمواجهة محتملة مع الغرب، وأنّ [أمريكا] تهدفُ دوْما إلى تدمير [روسيا] كحضارة مع الحدّ من هيمنتِها على [أوروبا] الشّرقية، وأدركَ [بوتين] أن البلاد ليست بحاجة إلى رئيس ديمقراطي، ولكن هي بحاجة إلى ديكتاتور عَمَلي كما هو شأنُها تاريخيًا مع القياصرة منذ [بطرس الأكبر]، والقيصرة [كاترينا]، مرورًا بالتّاريخ الرُّوسي الشّيوعي، فكان [بوتين] يجسّد هؤلاء جميعهم، وبدأتْ [أمريكا] تَستخدم حِلف [الناتو] للتمطّط نحو [روسيا] عبَر [أوكرانيا] حتى نفدَ صَبْرُ [بوتين]..

Exit mobile version