Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أمريكا وإيديولوجية حقوق الإنسان

ليس مهما ما تقوله أمريكا لكن المهم أن تفهم ما تريده أمريكا. كيف تركت أمريكا مئات القضايا الحقوقية الواضحة ولم تر من بينها سوى قضية سليمان الريسوني، المحكوم في قضية حق عام وعمر الراضي الذي يحاكم في قضية مشابهة بالإضافة إلى قضية تخابر؟
نقصد بإديولوجية حقوق الإنسان هذا اللغط الذي يغطي على معنى ومبنى حقوق الإنسان، حتى لو كان صادرا عن بلد يعتبر من أكبر البلدان انتهاكا للحقوق الأساسية سواء بالداخل أو الخارج. نقصد بإيديولوجية حقوق الإنسان أن يتحدث عنها بلد جورج فلويد، الذي مات تحت حذاء شرطي وهو يقول “لا أستطيع أن أتنفس”، وبلد عشرات بل مئات المجازر التي تم ارتكابها في العالم تحت عنوان “جلب الديمقراطية لبلدان دكتاتورية”.
فالمغرب يعرف ما يريد، وما فاه به المتحدث باسم الخارجية الأمريكية يعتمد على معلومات صادرة عن جهة واحدة، ويتعلق الأمر بالجهة المساندة للمتهمين، بينما حقوق الإنسان تقتضي الوحدة لا التجزيء، فكما يجب الدفاع عن المتهم ينبغي الدفاع عن الضحية أو المشتكي.
يقتضي بناء الموقف من أية قضية الاستماع إلى كافة الأطراف، ويتعلق الأمر هنا بالمتهمين والضحايا، وبما أن أمريكا تريد أن تعلق على موقف القضاء كان لا بأس من معرفة طريقة اشتغاله، ما دامت تتوفر على سفارة وموظفين وهيئات دورهم كتابة كل شيء واللقاء بكافة المعارضين، ولا ندري لماذا لم تزود السفارة و”كتبتها” الإدارة الأمريكية بالمعلومات الكافية حول الموضوع.
إذا كانت حقوق الإنسان لا تتجزأ فإنها مع المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ستصبح مجزأة فحقوق الصحفي مختلفة عن حقوق الآخرين، ولا نفهم كيف أقحم المسؤول الأمريكي صفة الريسوني في حديثه مع العلم أن القضية فيها طرف آخر وهو ينتمي إلى فئة اجتماعية ممن قال جو بايدن إنه ملتزم بالدفاع عنهم.
نعرف أن أمريكا لا يهمها حقوق الإنسان بدليل تحالفها مع أنظمة دكتاتورية، لا توجد أي معلم من معالم حقوق الإنسان والديمقراطية ويتم فيها يوميا انتهاك حقوق الإنسان، ولكن يهمنا أن نكشف عن هذه الازدواجية في الخطاب، فعندما لا تقتضي المصلحة الحديث عن مواطن فإن أمريكا تسكت حتى لو كان هذا المواطن يحمل الجنسية الأمريكية.
إن أي تعامل مع حقوق الإنسان بصيغة إيديولوجية سيجعل منها أداة لممارسات اجتماعية منافية للأخلاق والقانون تحت مسميات كثيرة، فسيصبح من حق من يحمل صفة تروق لأمريكا أن يرتكب جرائم في بلده وعند اعتقاله يتم التحرش بالبلد، مع العلم أن واشنطن لا تقبل مثل هاته السلوكات، فيستحيل أن تقبل أن يتعاون مواطن أمريكي مع بلد آخر ضد مصالح بلده، وفي كل بلدان الدنيا هناك قوانين تحمي من الاختراق الذي يمكن أن يحصل عن طريق استقطاب مواطنين لفائدة مخابرات بلد أجنبي من شأنه أن يضر بالأمن القومي.

Exit mobile version