في وقت كانت فيه المعارضة البرلمانية تستعد لتقديم ملتمس رقابة ضد حكومة عزيز أخنوش، عادت الخلافات الداخلية بين مكوناتها لتطفو إلى السطح، مهددة بإجهاض المبادرة في مهدها، بسبب تباين الرؤى حول الجهة التي ستتكفل بتقديم الملتمس تحت قبة البرلمان.
وكشفت مصادر برلمانية أن الفريق الحركي اشترط أن يتولى أمينه العام محمد أوزين، بصفته النائب البرلماني الوحيد بين قادة أحزاب المعارضة، مهمة تلاوة ملتمس الرقابة، معتبراً أن الخطوة تندرج ضمن “التقدير الرمزي” لمكانة الأمناء العامين.
وخلال اجتماع جمع مختلف مكونات المعارضة مساء الإثنين، أعلن رئيس الفريق الحركي إدريس السنتيسي هذا الموقف، قبل أن ينسحب من الجلسة، ما أضفى مزيداً من التوتر على الأجواء، خاصة أمام رفض إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، لهذا المقترح.
ويرى الاتحاد الاشتراكي أنه الأحق بقيادة المبادرة، باعتباره أوسع الفرق المعارضة تمثيلاً في البرلمان، فضلاً عن كونه صاحب المبادرة الأصلية التي طرحت قبل أشهر لكنها لم ترَ النور بسبب خلافات مشابهة، خاصة مع حزب العدالة والتنمية.
من جانبه، يرفض الفريق الحركي ما وصفه بـ”هيمنة” الاتحاد الاشتراكي على القرار داخل المعارضة، ويؤكد أن أوزين، بصفته أميناً عاماً ونائباً في آن، يمتلك رمزية مؤسساتية تخول له قيادة هذا النوع من المبادرات التشريعية.
في المقابل، ما زال حزب العدالة والتنمية يتحفظ على الانخراط الكامل في المبادرة، مذكراً بأنه سبق أن انسحب من النسخة الأولى من الملتمس بعد ما اعتبره “تفرداً” من إدريس لشكر في إطلاقها دون تنسيق مسبق.
وسط هذا التجاذب، اختار حزب التقدم والاشتراكية تموضعاً حذراً، مؤدياً دور “الوسيط” بين الأطراف المتنازعة، محاولاً تسهيل التوافق على صيغة تسمح بتمرير الملتمس دون أن تؤدي إلى انقسام المعارضة.
وبينما لم يُحسم بعد اسم النائب الذي سيتكلف بتقديم الملتمس رسمياً، تتزايد المخاوف من أن ينهار هذا التنسيق، بسبب حسابات رمزية وسياسية بين مكونات المعارضة، في وقت كان يفترض أن يشكل الملتمس لحظة توافق في مواجهة الحكومة، لا مناسبة للفرقة والانقسام.