Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

أين أنتَ مِن (بوب مارلي) يا هذا؟

محمد فارس

سافرَ فنّانٌ عربيٌّ لا داعيَ لذِكْر اسمِه، إلى [السّويد] للقيام بسهرة غنائية في [سطوكُولْم]، فداهَمتِ الشُّرطة إقامتهُ في الفندق، فوجدَت بحوزتِه مخدّرات، فاعتقلتْه لمدّة خمسة أيام، حتى أتى محامُون من [لُبنان]، فأُفْرج عنه بكفالة، و[السّويدُ] بلدٌ غيرُ مسلم، فماذا صنَعْنا نحن ومغنّي [الرّاب] يعتَرف في ندوة صحفية، أمام الملإ، بأنّه يتعاطى (الحَشيش) ثمّ إنّه كان يغنّي وبيدِه زجاجة خمْر، فلا أحدَ اعتقلَه، أو ساءلَه، بل إنّ وزيرَ الثّقافة قال إنّه لا يمارس الرقابةَ على الفنّانين، بل إنّ [بيْتاس] شاعِر الحكُومة، قال إنّه غيْرُ متّفِق مع مغنّي [الرّاب] في ما فاه به من ألفاظ ساقطة وعبارات تخْدِش الحياء، وحمّل المسؤوليةَ لوزير الثّقافة وكأنّه ليس بوزير من زُمْرة حكومة [أخنوش] الفاشلة، وقد كان من الضّروري عزْله لو كانت هذه الحكومةُ، حكومةَ شعْب مسلم له قيمٌ، وأخلاق، ولساءلتْه عن ملايير أنفَقها على مهرجان [بولڤار]، والسيد [أخنوش] طالبَ الشعبَ بالتّقشف، ولكنّه يقول ما لا يفعلُه، لأنّ حكومتَه علينا وليست لنا..
وخلال النّدوة الصّحفية، قال [مغنّي الرّاب] الوضيع بالحَرف: [أنا أتعاطى الحشيش، ومن بعْد؟]، ثم أضاف: [أنا لم أُدخّنِ الحشيشَ أكثر من (بوب مارلي)!]؛ وهنا وجبَ أن نوضّحَ له عدّةَ مسائل أَغْفلَها وهو يذْكُر (بوب مارلي)، وهي أنّ هذا المغنّي لم يشاهد ولو مرّةً وهو يتعاطى الحشيش، أو يقول أمام الجمهور إنّه حشّاش؛ لم يشاهدْ وهو يحمِل في يدِه زجاجة الخمر، لأنّه كان يحترِم الجمهور، ولم يفُهْ ولو مرّةً بكلمةٍ ساقطة، أو ظهَر على المنصّة وهو شِبْهُ عارٍ كما ظهرتَ أنتَ بدون استحياء في أيام مقدّسة نُخلِّد فيها ذكرى مولد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ ولكنّ العتابَ ليس عليكَ، بل على الذين أتوْا بكَ، وأنفقوا عليكَ الملايير من أموال شعبٍ يرزحُ تحت وطأة أزمات..
لكن أيْن أنتَ من [بوب مارلي]؟ فهذا المغنّي بحَثَ في تراث بلدِه [جمايْكا]، وطوّرَ هذا التّراث، وأَبدَع [الرِّيغي] وحملَه إلى مستوى العالمية، وعرفَ الناسُ بواسطتِه بلدًا اسمُه [جمايْكا] بعدما كانت مغمورة؛ فماذا صنعْتَ أنت بتراث بلدِك؛ وماذا أبدَعتَ في ميدان الفَنّ؟ لا شيء! فموسيقى [الراب] مُستَوردة، وهي تمثّل الانِحطاط الذي آلتْ إليه الموسيقى في زمن الرّداءة والتّفاهة.. لقد أثّر [بوب مارلي] بفنّه، ممّا جعل فنانين آخرين يُبْدعون في موسيقى [الرّيغي]، فظهر الأمريكي [جيمي كليف]، وظهرتْ فرقة (UB.40) البريطانية، وظهر الإڤواري [أَلْفا بلوندي] ولكلٍّ منهم موسيقاه الجميلة، فالتّافهون مثلكَ، همُ الّذين يعْتَبرونكَ فنّانًا وأنتَ لستَ بفنان، ولكنْ شُبّه لهم..
والآن، دعني أقدّم لكَ بعض الأسماء اللاّمعة التي ذهبتِ المخدّراتُ ببريقهِم ثمّ بحياتِهم وهم في ريعان شبابهِم لترى القُدْوة التي تقدّمُها لِلشباب من خلال شخصِكَ، وسوء أخلاقِكَ، وانحطاطِ قَدْركَ.. هل تعْلم يا هذا، أنّ المغنّي [جيمي هانْدريكس] الذي طوّرَ الڤيثار الكهربائي، وكان مغنيًا عالميًا، ماتَ في (لندن) سنة (1970) بسبب المخدّرات خلال حفلة غنائية حاشدة؟ هل تعلم أن مغني [الرّوك] العالمي [إِيلْفيس بريسْلي] انخَفضَ مستواه الفنّي، ولبِسَ الهرَم وهو ما زال في الأربعين من عُمره، ومات سنة (1977) بسبب المخدّرات؟ هل تعْلم أن [بوب مارْلي] نفسه، قتلتهُ المخدّرات؟ لـمّا رأى المغنّي البريطاني الراحِل [دجُو كُوكَر] نهاية هؤلاء، وكان هو كذلك يتعاطى المخدّرات، فدخل بيتَه سنة (1978) ولم يخْرج منه إلاّ بعد خمْس سنوات كافحَ فيها تأثيرَ المخدّرات، ولـمّا عادَ إلى السّاحة الفنّية، كان إنسانًا آخر، وأَبدَع أغاني رائعة غَزتِ العالمَ بأسرهِ.. لكن ربّما تعلم كيف خبا بريقُ الممثّل الأمريكي من أصل بلجيكي اسمُه [ڤان دام]، وأَفل نجمُه، واختفى من شاشة السّينما نهائيًا بسبب المخدّرات، وهكذا سيكون مصيرُكَ ومصيرُ من يتّخذونكَ قدوةً.. فموسيقى [الراب] التي تفخرُ بها، وتضحكُ بها على ذقون البلهاء، يحتشِد حوْلَها [عبدَة الشّيطان]، مثقُوبو الألسنة، ومخْرومُو الأُذنيْن، ولا تستطيع تمييز الذّكور من الإناث، بالإضافة إلى الملاحِدة، وأتباع منظّمات هدم العروش، وتخريب الأُمم، ونسف الدين، وضرب الأخلاق والقيَم بإفشاء الرّذائل، والمناكر، في واضحة النهار، ووراءَ كلِّ ذلك، أعداءُ الأمة، وخصوم الوطن، ومُزْدَرُو الأديان، وصدق من قال: [العفافُ سِياجُ العمران].. هذه هي موسيقاك، وهذه هي الأخلاق التي تنشُرها بين الشّباب قال تعالى: [سَأُريكُم دار الفاسِقين] صدق الله العظيم.

Exit mobile version