اختتم البرلمان دورته التشريعية، التي تعتبر آخر دورة في الولاية التشريعية المنتهية، على أمل افتتاح الدورة الأولى من الولاية المقبلة في الجمعة الثاني من أكتوبر المقبل، بالنظر لإجراء الانتخابات يوم الثامن شتنبر المقبل، وعندما يتم اختتام أية فترة انتدابية لابد من الحديث عن الحصيلة، مثلما تم الحديث عن حصيلة الحكومة، التي قدمها سعد الدين العثماني، رئيسها، أمام غرفتي البرلمان.
العمل البرلماني ليس نزهة كما يعتقد البعض أو كما يتصرف كثير من السياسيين والبرلمانيين، ولكنه عمل جاد يقتضي الالتزام بتمثيل الدائرة الانتخابية والانخراط في عمليتي التشريع والمراقبة.
فيما يتعلق بالرقابة على عمل الحكومة، ما زال يطبعها هذا الشكل الفولكلوري، حيث يحرص البرلمانيون على الظهور في ساعة البث التلفزي والإذاعي، حتى يستثمروا ذلك في دوائرهم خصوصا تلك البعيدة عن المركز، وكثير منهم لا يحضر للجلسات إلا لتفادي لائحة الغياب، لكن حجم مساهمته في العملية الرقابية قد يكون صفرا، وسبق لبرلمانية في الولاية السابقة أن تم نعتها بالبرلمانية “الزيزونة” حيث طرحت سؤالا واحدا خلال خمس سنوات.
العمل الرقابي يتضمن الأسئلة الكتابية، وهي مهمة جدا وتتميز بالجدية أكبر من الأسئلة الشفوية المحكومة بالمناكفات، التي يطبعها العنف اللفظي الذي تنقله التلفزة تحت طائلة “عطاهم”، وهي أدوات لا يتم توظيفها بالشكل السليم.
أما فيما يخص العمل التشريعي فهناك إشكالات نطرحها اليوم هنا قصد تداولها لا من باب الطعن في المؤسسات الحزبية، ولكن على الأمل فيما ينبغي أن تكون عليه. خلال خمس سنوات من الولاية التشريعية تمت مناقشة والمصادقة على 300 نص تشريعي، منها 277 مشروع قانون تقدمت بها الحكومة وفقط 23 مقترح قانون تقدمت بها الفرق البرلمانية ودون أية مبادرة شعبية للتشريع.
نسبة النصوص التشريعية التي تقدم بها البرلمانيون لم تتجاوز 7 في المائة وهي نسبة ضعيفة جدا مقارنة ببرلمانات مماثلة التي لا تقل فيها هذه النسبة عن الربع، وهذا دليل على أن البرلمان ما زال لم يرق إلى مرحلة يصبح فيها مشاركا في التشريع اقتراحا وليس فقط يقتصر أمره على القراءة والمناقشة والتصويت.
نعتقد أن كثيرا من مقترحات القوانين التي ترفضها الحكومة أو تعوضها بنصوص أخرى، وبالتالي يتم نسخ الأولى بقوة القانون، هو ناتج عن عدم جودة النصوص التي يقترحها البرلمانيون وهذا تحصيل حاصل، لأن الأحزاب السياسية، التي هي مصدر مقترحات القوانين عبر فرقها لم تعد تتوفر على الأطر القادرة على إنتاج القوانين، لأن المؤسسة الحزبية فقدت دورها كمكون، وأصبحت فقط أداة للترقي الاجتماعي، ولم يعد التكوين أساسيا في العمل الحزبي، مما أفقد الأحزاب إشعاعها الثقافي.
لكن هذا لا يمنع من أن تقوم الأحزاب السياسية بمبادرة تأسيس مراكز للدراسات يتولاها متخصصون متفرغون أو تتعاقد مع مراكز بالجامعة من أجل تجويد الثقافة القانونية.
أي إنتاج تشريعي للبرلمان؟
