Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

إذا أنت أكرمت الكريم..

محمد عفري

صعود القيمة المالية للدولي المغربي، نايف أكرد، في بورصة اللاعبين، بأرقام فلكية في الآونة الأخيرة، يجبر على الوقوف بالدرس والتمحيص، على جسامة المشاق والصعاب التي واجهها هذا اللاعب المثقف الأنيق، وهو في بداية مساره بعالم المستديرة، قبل أن يدق باب التألق النوعي والنجومية العالمية التي جعلته “قطعة كروية” متداولة بين كل الألسن، نادرة وضرورية، تُضرب لها ألف الحسابات تطلعا الى الاقتداء به أو إلى الاستفادة من خدماته في صفقات الانتقال بين الفرق والأندية، أو حيطة من علو كعبه على المستطيل الأخضر، في كل الخطط وأثناء كل المباريات، وخلال كل المنافسات، وهو يمارس على أعلى المستويات، سواء في أغلى البطولات العالمية( البريمييرليغ)، وأكثرها قوة وتشويقا وإثارة وتسويقا، أو ضمن المنتخب الوطني الذي بلغ معه الأوج في مونديال 2022 بقطر، ولازال على عهد التوهج، وفيا للتألق أكثر، مع جيل جديد من اللاعبين في الاستحقاقات المقبلة لتشريف كرة القدم الوطنية، سواء بكأس إفريقيا للأمم “كان”، الذي سيحتضنه المغرب بعد قرابة عام من الآن، أو خلال ما تبقى من الإقصائيات المؤهلة لمونديال 2026، أو ضمن هذا المونديال نفسه؛ الذي يبقى التأهل إليه ليس بعزيز على المنتخب الوطني وأصدقاء نايف، وفوق ذلك، يبقى محطة لبعث جديد لإنجازات كرة القدم الوطنية، على منوال إنجازاتها بالمونديال الأخير، حيث أصبح واجبا على نايف أكرد وأصدقائه، كتابة صفحة أخرى من التاريخ اللامع لكرة القدم المغربية على مستوى العالم..

سَبر صغير لأغوار مسار سليل أسرة “كوايرية”من القنيطرة، المدينة، التي ظلت منذ عقود إلى اليوم، ولاّدة للأسماء المطعّمة لـ”الكاك” وللمنتخبات السنية والمنتخب الوطني الأول بالأساس؛ يكشف لنا أن النجم نايف أكرد، واجه من العقبات والعراقيل وهو يافع في بداية الطريق، ما لا ينفع معها إلا الجد والكد والإصرار بنفس القدر من الطموح والعزيمة والإيمان بالأهداف المنشودة أشد الإيمان، إلى حد تحقيقها، مهما كانت العراقيل ..

في حوار سابق للمكاشفة ووضع النقاط على حروف المثبطات، قبل حروف التألق والنجومية، وبكل جرأة في بعث رسائل بث الأمل في نفوس كل الشغوفين بكرة القدم من الصغار والشباب، التواقين إلى الأمجاد؛ يحكي نايف عن المضايقات الجلى التي لاقاها وهو في طور البناء والتكوين من “مدرب” وجد ضالته في تهميش نايف اليافع الطموح، أثناء كل الحصص التدريبية، وهو بطور التكوين ضمن صغار الناشئين من صغار المستقبل القريب..

نعم!،”مدرب” أو محسوب على هيئة التدريب داخل منظومة كرة القدم الوطنية في عهد ليس ببعيد، لم يكن يهدأ له بال إلا وهو يصادر من نايف اليافع، حق مداعبة الكرة رفقة أقرانه، بل حق التدرب معهم من أجل صقل الموهبة والنهل من دروس البدايات التي تشكل إرهاصات النبوغ، ليس في الرياضة وكرة القدم وحسب، وإنما في الدراسة وكل المجالات التي تستوجب المعرفة والتحصيل..

من دون أدنى أسباب ولا مبررات لها؛ كان نايف، خلال كل الحصص التدريبية، التي يشرف عليها هذا المدرب يجد نفسه خارج “جوقة” اللعب الطفولي بأكاديمية فريق لكرة القدم، بل خارج حلقة الدرس في مرحلة سنية تستوجب العناية البيداغوجية والجذب السيكولوجي والتربوي، بمفهوم “تحبيب” الرياضة إلى نفس صغير من الصغار،بهدف الإدماج والتنمية، لا تنفيرها إلى عالم خارج أسوار هذا الإدماج وهاته التنمية، وحده الله يعلم عواقب هدا التنفير على نفسية النشء عموما وتداعياته على رجال الغد..
لحسن حظ نايف أن بتلك “الاكاديمية”، كان نظام تناوب المدربين، على المجموعات بالفئات السنية قائما، خلال أيام الأسبوع، وهو ما جعل نايف يحظى ببصيص أمل في مداعبة الكرة والنهل من تكوينها خلال حصة إلى حصتين على الأكثر، طوال كل أيام الأسبوع قبل يوم التباري..
بلغة الكبار، ينأى نايف بنفسه عن دكر اسم دلك الدي صادر منه حق اللعب، وحق التكوين في مناسبات ومراحل مهمة من مساره، لكنه لا يتلكأ في دكر الدي جبر خاطره أمام رفاقه الصغار وأخد بيده في وقت حساس، ووضع فيه الثقة وبث فيه الأمل والطموح وأذكى فيه حماس التألق بالقول “تعال رفقتنا.. إنك ستكون دا شأن عظيم..”..
لم يكن الدي “استرجع” نايف، في وقت مناسب من براثين التهميش الظالم، سوى طارق السكيتيوي، الدي يشغل حاليا مدربا للمنتخب الوطني الأولمبي، ولم يكن نايف سوى نايف أكرد الدي أصبح ركيزة أساسية في التشكيلات المتعاقبة للمنتخب الوطني في أفق ما بعد مونديال 2026، وركيزة في ويستهام الإنجليزي، تتهافت عليه كبار الأندية الأوروبية بقيم مالية غير مسبوقة، ولسان حاله يقول بالمغربي “إلى دحاك البخيل عند الكريم تبات..”، وبالعربي يقف بنا عند صدر البيت الشعري للمتنبي ” إدا أنت أكرمت الكريم ملكته”..
بإيجاز، ها هي المهنية والموضوعية لطارق السكيتوي تُكْـرمان نايف في وقت همشه أحد “البخلاء”، وهاهو المغرب كافة يملك الصخرة الدفاعية الدوليةنايف، بتوهجه وتألقه وأمجاده، بعدما أكرم وفادته السكيتيوي نفسه..

Exit mobile version