Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

إذا كنتَ كذّابًا مُتمرِّسا فمرحبًا بكَ في قنوات الكذب والافتراء!

محمد فارس
ثُمّ روّجت قناةٌ فضائية لقولة كان قد قالها مُعمّمٌ كذّابٌ افترى فيها أنّ ملِكَة [بريطانيا] الهالِكَة، كانت من سلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الصّحافة البريطانية قد اعتبرت هذا الكلام مجرَّد [مُزْحة] أو [دعابة] فيما هي في الواقع كذْبة بل افتراء مفضوح وبوضوح لا تخطؤُه العيْن المتبصِّرة.. ملكةُ [بريطانيا] التي هلَكتْ عن سنٍّ ناهزت (96) ليست حتى من أصلٍ إنجليزي، وهذا هو القول الصّحيحُ الذي يؤكّده التاريخ وتدْعَمُه البحوث التي تختصّ بأنساب الملوك؛ فملكةُ [يريطانيا] [إيليزابيث الثانية] ليست من أصلٍ بريطاني، فأصلُها من أبيها [جورج السّادس] من (الدّانمارك)، أمّا نسبُها من أمِّها فمِن (ألمانيا)؛ فالأنساب متشابكة بين ملكيات (أوروبّا)، وستعْجَب لذلك إذا اكتشفتَ هذه الشّبكة المعقّدة، والمتشعِّبة للملكيات في القارة العجوز خصوصًا إذا رأيتَ أنّ قيصر [روسيا] أعني به [نيكولا الثاني] كان ابنَ عمّ ملِك (بريطانيا) [جورج الخامس]..
[إدْوارد السابع] جدُّ الملِكة لم يَكُن بريطانيًا، ولكنّه كان رئيسَ ماسُون [إسكتلندا] كما ما كان حالُ حفيدتِه [إيليزابيت الثانية] حتى هلاكِها.. لقد كانت هذه الملكةُ شاهدة على تقزُّم إمبراطورية لم تكُن تَغْربُ عنها الشّمس، ومنذ تربُّعِها على العرش سنة (1952) حكَمت لأطول فترة لكنّها عجَزت عنِ الحفاظ على شساعة الأراضي الإمبراطورية، وسنةً قبل وفاتِها، يعني سنة (2021)، شهِدَت هذه الملكةُ خروجَ جزيرة [باربادُوس] من عَباءة [بريطانيا] ولم تعُدْ تدين بالولاء للِتّاج البريطاني، كما شهدَت مطالبة [إيرلاندا الشمالية] التي لم تَحْضُرْ رئيسة وزرائها مراسم جنازة الملكة الهالكة، وهو ما تُطالبُ به كذلك [إسكتلندا] وسَيُعاد تنظيمُ استفتاءٍ السّنةَ المقبلة في هذا الشّأن؛ أما ابنُها الذي خلَفها، وأعني به [الملك تشارلز الثالث] فلن يكون بأحسن حال من أمِّه، ما دام شَبَحُ موْت زوجتِه [دَيانا] يلاحقه والكلُّ يعلَم أنّ موتَ [ديانا] لم يكُن قدرًا، وإنّما كان موتًا مدبّرًا.. فلا شيء ينفع من أكاذيب وترّهات، وحتى كَذْبة الانتساب إلى النّبي لن تُجدي نفْعًا..
هذه الأكاذيبُ والسّخافات قديمة بلا شكّ، ولكنّها ازدادت مع تَطوّر وسائل الإعلام وانتشارها، وهو ما يمثّل خطرًا على الإنسانية وعلى القيم وعلى حقائق التاريخ.. ففي مجلّة كنتُ قدِ اشتريتُها سنة (1983)، وكانت تتوفّر على فصلٍ خصَّصتْه لقصاصات الجرائد الصّادرة من سنة (1941) إلى سنة (1946)، وخلال قراءتي لهذه القصاصات، وقَع بَصري على خبرٍ لصُحفي عربي ادَّعى فيه بأنّ [هتلر] شوهِدَ كم مرّة وهو يؤدّي الصلاة مثْل المسلمين تمامًا، وأَقسم بالله على صحّة الخبر، وهو ما يُشْبِه مواظَبة [نابليون] على الصّلاة وعلى قراءة القرآن؛ فهل كان [نابليون] و[هتلر] الطّاغيان، مُسلميْن حقّا؟ الجواب: كلاّ! فكلامٌ كهذا، لا يقوله إلاّ معتوه، أو جاهل، أو كذّاب بأُجْرة كما هو شأْنُ الكذَبة اليوم في وسائل الإعلام العصرية.. إنّ [هتلر] كان يكْره العربَ والمسلمين، ويسْخَر منهم، وهذه أمورٌ يكتشفها كلُّ مَن قرأ كتابَه: [كفاحي]؛ لذا أقول لهؤلاء: خسِئْتُم!
أمّا بخصوص ذلك الذي يُعْلي من شأن الطّاغية وأستاذ الإرهاب [الحجّاج]، والذي يدّعي أخُونا المفتري أنّ الشّيعة همُ الذين شوَّهوا صورتَه برواياتهم وأكاذيبهم، أقول لهذا المفتري إنّي سَآتيكَ بحقائقَ ليست من كتُبِ الشّيعة، وإنّما هي من كُتبِ السُّنة، ومن مُؤرّخيهم، بل حتى من بَني أُميّةَ أنْفُسهم الذين كان هو أصلاً منهم كما تعْلَم.. ففي خطابه الشهير، قال [الحجّاج] بالحرف: [والله لآخُذنّ الـمُطيعَ بذَنْبِ العاصي، ولآخُذنّ الوَليَ بذنب مَولاه، حتى ليَلْقى الرّجُلُ أخاه، فيقول له: انْجُ سَعْد، فقد هَلكَ سعيد]، هذا هو عدْلُ الحجّاج، وخدمتُه للإسلام والمسلمين، فما رأيُك يا هذا؟ لـمّا قتَل [الحجّاج] (عبدَ الله بنَ الزّبَيْر)، وصلبَه بِبابِ المدينة أَلمْ يَتذكّرْ قَوْلَ رسول الله: إيّاكم والـمُثُلة ولو بالكلب العَقور؟ ولـمّا دخلتْ أمُّ (عبد الله بن الزّبير) على [الحجّاج] مُطالبةً بجثّة ابنِها لدَفْنه، وأمُّ (عبد الله بن الزبير) هي (أسماء) بنتُ (أبي بكر الصّديق)، روايةُ الحديث، والصّحابيةُ المعروفة، قالت لِلطّاغية [الحجّاج]: [سأُسْمِعُكَ حديثًا سمعتُه رسولَ الله]؛ قال [الحجّاج]: [وما هو يا أمّاه؟] قالت: [سَمِعْتُ رسول الله يقول: يخْرُجُ من ثَقيف كذَّابٌ ومُبير، فأمّا الكذّابُ فقد رأيناه، (تعْني يزيد)، وأمّا الـمُبير، فما أراه إلاّ أنت].. وفي شهادتِه قال [عُمرُ بنُ عبد العزيز] رضي الله عنه: [لو جاءت كلّ أمّةٍ بخطاياها يوم القيامة، وجِئْنا نحن بالحجّاج وَحْده، لرَجَحْناهم جميعًا]، وهذه شهادة من خليفةٍ أُموي، فماذا عساكَ تَقُول يا مَن يحاول تَلميعَ صورةِ طاغية، ويحرِّف حقائق التّاريخ لًِتضليل المسلمين وللِضّحِكِ على ذقون السُّذج؛ فمَن يَمدح الطُّغاة والبُغاة، حُشِر معهم يوم لقاء الله عزَّ وجلّ..

Exit mobile version