Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

إسبانيا التي تجهل المغرب

العلاقات الدولية تُبنى على المصالح المشتركة والحد الأدنى من المبادئ، لكن هناك دول لا تريد أن تفهم أن حقبا من الزمن كانت فيها مسيطرة قد انتهت، وأن حقبا أخرى قد ولدت وتولد من جديد، وأن قوى إقليمية تنهض، وهذا ما ينطبق على الجارة الإيبيرية إسبانيا، التي تعتقد أن المغرب حائط قصير ناسية أن “حق الجار على الجار”، وهو مبدأ ينطبق على الأفراد والجماعات والدول، واختار المغرب بناء علاقات متوازنة مع جيرانه عبر البر أو البحر، لكن لسوء حظه ليس له من جار إلا وجار عليه برا وبحرا.
يبحث المغرب دائما عن علاقات “رابح – رابح” وجسدها في العلاقات الاستراتيجية التي ربطها بمكونات الاتحاد الأوروبي، والتي نال بموجبها صفة الشريك الاستراتيجي من خارج أوروبا، لكن إسبانيا ظلت دائما تعاكس الإرادة الأوروبية في علاقتها بالمغرب، كما جسدها في علاقاته بالدول الإفريقية، لكن الجارة الإيبيرية تريد بناءها على أساس “رابح – خاسر” تربح هي ويخسر المغرب أو يقوم بدور وظيفي.
ليس المغرب بالدولة التي يمكن أن تقوم بدور وظيفي، ولكن المغرب اختار أن يكون حاميا لأوروبا من موجات الهجرة السرية في إطار شراكة متوازنة، تكلفه الكثير، لأنه قرر أن يكون بلدا للإقامة بدل أن يبقى بلدا لـ”الترانزيت” يعبره المهاجرون السريون من القارات المختلفة وخصوصا القارة الإفريقية، وتمكن لحد الآن من إنجاز أوراق إقامة لحوالي 50 ألف مهاجر من مختلف ربوع المعمورة في انتظار تسوية وضعية فئات أخرى.
وتمكن كثير ممن تمت تسوية أوضاعهم القانونية من بناء حياة جديدة هنا بالمغرب، وتمكنوا من الحصول على فرص شغل وبناء أسر في انسجام تام مع إخوانهم المغاربة، وهذا له تكلفة وضريبة لا تريد إسبانيا أن تفهمها، ولا تنظر إلى علاقات الشمال والجنوب إلا بمنظار الدولة الاستعمارية سابقا، وهذا لا يعتبر فخرا وإنما جريمة ينبغي تبييضها أصلا، وبناء علاقات جديدة قوامها احترام سيادة الدول.
إسبانيا نسيت في غمرة “زهوها” أنها ترتبط عبر اتفاقيات وشراكات مع المغرب تمتد من السياسة إلى الاقتصاد مرورا بالملف الأمني، وهذا الأخير مهم جدا في جغرافية مفتوحة على كل الاحتمالات، فالمغرب شكل صمام أمان لدول شمال المتوسط، وجنبها العديد من الكوارث فيما يتعلق بملفات الإرهاب، حيث استطاع أن يوفر لها معلومات دقيقة استطاعت بفضلها أن تجهض عمليات تخريبية، والشيء نفسه يذكر بالنسبة لملفات المخدرات.
لكن تبين أن إسبانيا تفهم العلاقة على أنها خدمة دون مقابل، ونسيت الاتفاقيات الأمنية بين البلدين، وأنه من أسس هذا التعاون هو تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين، لكن إسبانيا استقبلت مجرم الحرب إبراهيم غالي، تحت هوية مزورة، ولما فضحها المغرب قالت إن ذلك لأسباب إنسانية غير مبالية بتداعيات هذا الفعل المتمثل في التستر على هذا الشخص، فماذا سيكون موقفها لو رفع المغرب يده عن المهاجرين السريين، الذين لا يمكن أن يكون المغرب مسؤولا عنهم وعن حماية شواطئ أوروبا.

Exit mobile version