Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

إفريقيا بحيرة تماسيح وروسيا ليست في حاجة لوكيل

إدريس عدار
رفضت كثير من الدول قرار دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إكواس التدخل العسكري في النيجير، وهو التدخل لم يكن التلويح به ممكنا لولا أن دولا غربية أصبحت غير قادرة على التدخل المباشر احتمت بالأدوات الوظيفية من دول إفريقية، لأن القارة السمراء لم تعد كما كانت، فقد أصبحت بحيرة تماسيح لا تستطيع أية دولة أن تسبح فيها بحرية كما كانت، ولهذا أصبحنا نرى وجودا صينيا لافتا للانتباه ووجودا روسيا متنوع الأشكال، وأصبح التحالف الروسي الإفريقي قويا، والحضور الإيراني أيضا، إلى جانب الحضور الأمريكي والفرنسي والبريطاني وبعض الحضور الألماني.
ومن بين الدول التي رفضت التدخل العسكري في النيجير الجزائر، مما يطرح السؤال: لماذا؟
يرى البعض أن الجزائر تقوم بدور الوكيل نيابة عن روسيا وبالتالي هذا الرفض يدخل في هذا السياق. كما يذهب البعض بعيدا ليرى في الجزائر حليفا للصين وإيران.
هذه الرؤية تستبطن عدم دقة في التحديد، فالجزائر في علاقاتها الدولية تمسك العصا من الوسط، فهي تعلن التحالف مع روسيا وترتبط بعلاقات استراتيجية مع فرنسا، التي تستحوذ على حصة الأسد من النفط والغاز الجزائريين، كما ترتبط بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تتوفر على استثمارات بهذا البلد، وفي الوقت الذي تعلن فيه عن علاقات متيمزة مع إيران تدين (أنصار الله الحوثيين) حلفاء هذه الأخيرة.
ولهذا لا يمكن بتاتا النظر للموضوع من حيث ميزان التحالفات، ولكن من حيث التموقع الجغرافي، فالجزائر لما تعلن رفضها للتدخل العسكري في النيجير فلأنها ترتبط بهذا البلد ب900 كيلومتر من الحدود، التي هي عبارة عن صحراء شاسعة لا يمكن لتحالف دولي أن يراقبها فناهيك عن دولة واحدة، وهي تعرف جيدا أن نزاع في النيجير سينعكس عليها سلبا، من حيث امتداد حركة السلاح في المنطقة ومن حيث عدم قدرتها على إدارة أي حركة للنزوح نحو أراضيها.
فأي تدخل عسكري ستكون لها تداعيات وخيمة على المنطقة، ومن يدفع إليه بقوة هو فرنسا، المتضرر الأكبر من التحولات في هذه البلدان، حيث تحظى التغييرات العسكرية لأنظمة الحكم بحاضنة شعبية قوية لأن الرؤساء المنتخبين ديمقراطيا كانوا يمنحون باريس ثروات هذه البلدان، أما باقي الدول فهي تعرف كيف تلتف على الملف.
كما تنبغي الإشارة إلى أن روسيا اليوم لها وجود في إفريقيا ولديها حلفاء يعلنون عن ذلك في إفريقيا جنوب الصحراء، وهم من قرر المواجهة في حالة أي تدخل عسكري، ولا أعتقد أن الجزائر أعلنت رفضها تنفيذا لأجندة روسية لأن موقعها في الجغرافية السياسية لا يمنحها صفة الحليف الاستراتيجي لروسيا في وقت تحتفظ به بعلاقات متوازنة مع أغلب القوى الدولية بل علاقة تبعية لفرنسا.
بالجملة، الجزائر لا تريد تدخلا عسكريا حماية لحدودها فقط وليس نيابة عن روسيا، التي أعلن رئيسها فلاديمير بوتين، الذي هو في مواجهة مفتوحة مع الغرب وحلف الناتو، أن التدخل العسكري له نتائج وخيمة على الجميع وأن مشاكل إفريقيا ينبغي حلها إفريقيا.

Exit mobile version