Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

إلغاء شعيرة عيد الأضحى في المغرب سنة 2025: بين الضرورة والمأزق

في سابقة هي الرابعة في تاريخ المغرب، قررت الدولة إلغاء شعيرة ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى لسنة 2025. جاء القرار رسميًا في سياق أزمة بيئية خانقة، حيث ضربت موجات الجفاف المتتالية البلاد، مهددة الأمن الغذائي والاستقرار الفلاحي، ما دفع السلطات إلى اتخاذ إجراء استثنائي أثار ردود فعل متباينة في الشارع المغربي.

 

 

 

أولًا: الأسباب المعلنة وغير المعلنة

 

السبب الظاهري والمعلن للإلغاء هو تدهور الوضع الفلاحي الناتج عن الجفاف. انخفاض منسوب السدود، نقص الأعلاف، وتراجع القدرة الشرائية للمربين جعل من المستحيل تأمين القطيع الوطني لضمان العرض الكافي من الأضاحي.

 

لكن خلف هذه الذريعة، يمكن قراءة أبعاد أخرى:

• رغبة الدولة في خفض النفقات غير المنتجة خلال فترة ركود اقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

• تحكم تدريجي في طقوس تُمارس غالبًا خارج الإطار المنظم، ما يسبب مشاكل صحية وبيئية.

• إعادة تشكيل العلاقة بين الدين والمجال العام من خلال تقديم خطاب ديني بديل يدعو للزهد والتضامن بدل الشعائر المكلفة.

 

 

 

ثانيًا: الرابحون والخاسرون

 

الرابحون:

• الأسر الفقيرة التي غالبًا ما كانت تضطر للاستدانة أو تقسيط ثمن الأضحية.

• الدولة التي تفادت أزمة غذائية محتملة نتيجة الضغط على الأعلاف والمياه.

• الخطاب الديني الرسمي الذي استثمر في خطاب “النية تغني عن العمل” و”الملك يذبح نيابة عن الشعب”، مما قلل من حدة الاستنكار.

 

الخاسرون:

• مربو المواشي والتجار الذين يعتمدون على موسم الأضحى كمصدر دخل سنوي أساسي.

• الاقتصاد المحلي القروي الذي ينشط موسميًا بفضل حركة بيع وشراء الأضاحي.

• النسيج الاجتماعي والديني، حيث حُرم الناس من إحدى أهم الشعائر الإسلامية ذات البعد الجمعي والتعبدي.

 

 

 

ثالثًا: البعد الديني بين النص والواقع

 

دينياً، ذبح الأضحية سنة مؤكدة، وليس فرضًا، مما يعطي للدولة مرونة في تبرير القرار. غير أن التأويل الرسمي للدين، وإن كان يُقدم في ثوب فقهي عقلاني، إلا أنه قد لا يصمد أمام الوجدان الشعبي، حيث تُعتبر الأضحية “فرحة العيد”، بل رمزًا للفحولة والعطاء والكرم في الثقافة المغربية.

 

المثير في 2025 هو تبني مقاربة مركزية للنيابة الدينية: حيث أعلن الملك أنه سيقوم بالذبح عن الشعب. هذا يعكس رغبة في استعادة الدولة لاحتكار الرموز الدينية وتوجيهها وفق مقتضيات الظرف السياسي والبيئي.

 

 

 

رابعًا: دلالات القرار في ضوء التحولات الكبرى

 

قرار الإلغاء لا يجب قراءته فقط كاستجابة طارئة، بل كجزء من تحول أعمق في علاقة المجتمع المغربي بتقاليده، تحت تأثير:

• العولمة الغذائية والاستهلاكية: تراجع الحاجة للحوم الموسمية مقابل الأغذية المستوردة.

• التغيرات المناخية: التي أصبحت تُحدد أولويات الدولة والسياسات الفلاحية.

• إعادة بناء العقد الاجتماعي: الدولة تُطالب المواطنين بالتخلي عن شعيرة تقليدية مقابل خطاب التضامن والنية الطيبة.

 

 

إلغاء شعيرة عيد الأضحى في المغرب سنة 2025 لا يمثل فقط إجراءً اقتصادياً أو بيئياً مؤقتاً، بل يعكس صراعاً هادئاً بين التقاليد والضرورات، بين الوجدان الشعبي والسياسات العمومية، وبين الدين كما يُمارس، والدين كما يُؤطَّر من فوق.

 

المغرب اليوم أمام تحدٍّ: كيف يوازن بين الحفاظ على الهوية والخصوصية الدينية، وبين التأقلم مع واقع اقتصادي وبيئي متغير؟

هل يكون هذا الإلغاء سابقة لعصر ما بعد الشعائر؟ أم مجرد خطوة ظرفية تُنسى مع عودة الغيث؟

Exit mobile version