Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

إنصاف رجل الأمن

لا أحد فوق القانون ولا شيء يعلو عليه، لكن من غير الصائب أن نخضع القانون لتأويلاتنا، لأن التأويل بدوره يخضع للميولات والأهواء والخلفيات، ويبقى القانون حاكما بما هو وضوح في الرؤية والنصوص، وكما نتحدث عن رجل أمن غير منضبط للقوانين لا ينبغي أن ننسى أن القاعدة العامة هي سهر هؤلاء على تنفيذ الأمن وإنفاذ القوانين وتطبيقها، ومن الإنصاف أن نعترف بتضحياتهم الجسام.
أمام أعيننا الآن ضابط في عمر الزهور تدخل من أجل السلم الاجتماعي، وقام بهذا التدخل خارج أوقات العمل، لكن انضبط لما يفرضه عليه القانون بل ضميره، فتلقى طعنة غادرة أودت بحياته، وكان خيرا وفعلا أخلاقيا كبيرا أن يقوم عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني، بالتفاتة جميلة تعيد الدفء لعائلته، حيث قام بترقيته إلى الرتبة الموالية بشكل استثنائي.
ضابط كان يخطط ليعيش حياته بما تحمله من بناء لأسرة وغيرها، والتمتع بشبابه، لكنه ذهب ضحية لعنف موجود داخل المجتمع، ودور الأمن هو محاربته، وكان الإنصاف يقتضي أن ترتفع الأصوات، التي كلما كان الخطأ من جانب رجل الأمن صارخة بعدم احترام القانون وتجاوز السلط والتعسف وغيرها، كان عليها اليوم أن تصرخ لأن هذا الشاب كان يبني حياة أعدمها خارج عن القانون متهور و”من قتل نفسا بغير حق كأنما قتل الناس جميعا” كما جاء في كتاب الله العزيز.
بما أن هذا الضابط تدخل في غير أوقات العمل، وكان بإمكانه أن يغمض عينيه، “عين ما شافت قلب ما وجع”. ولكنه فضل الانتصار للمجتمع والدفاع عن قيمه، فكانت النتيجة استشهاده، وهذه صورة أخرى لرجل الأمن، التي ينبغي أن نحتفظ بها، بدل أن نركز على تلك الصور الشاذة، الموجودة في كل الفئات وكل المهن.
الموضوع الآخر الخاص برجال الأمن، هو حادثة توقيف رجل أمن وتقديمه أمام المحكمة في حالة اعتقال، بسبب تسببه في حادثة سير نتيجه تدخله لإيقاف شخص يقود دراجة نارية على متنها ثلاثة أشخاص في مخالفة قانونية واضحة، ولأن الشاب وافته المنية فقد تم تقديم رجل الأمن إلى المحكمة.
الإنصاف يقتضي النظر إلى كل أوجه المعادلة. أولا تدخل حموشي شخصيا وأعطى التعليمات للتحقيق في النازلة، والتحقيق لا يعني توجيه الاتهام كما يريد البعض تسويق ذلك. لأن الرسالة واضحة هي أنه لا أحد فوق القانون. لكن أين الوجه الآخر للقضية، والذي لا يراه الناس؟ هل أخطأ رجل الأمن؟ أين هو الخطأ؟
في الواقع رجل الأمن كان يقف في الشارع العام من أجل الحرص على نفاذ القانون. الدراجة النارية ومن عليها كانوا بخلاف القانون. لنضع أنفسنا مكان رجل الأمن، ونتساءل: ما كنا فاعلين؟ إذا لم يتدخل رجل الأمن لمحاربة الفوضى سنلومه بالتفريط وإذا تدخل ووقع حادث عرضي نتهمه بالقتل. المعادلة غير مضبوطة. ولماذا لم تتجه الأنظار للمجلس الجماعي الذي لم يغلق بالوعة “الواد الحار” التي تسببت في سقوط صاحب الدراجة النارية؟ أليس المجلس مسؤولا في هذه الحالة؟ لماذا علقوا رجل الأمن وغضوا الطرف عن المجلس؟ هل قيمة السياسي المنتخب أعلى من رجل الأمن؟
في الواقع إذا لم يتم النظر للمعادلة من كافة أوجهها ويتحقق الإنصاف سنخسر صورة رجل الأمن، وسنخسر جرأته في الدفاع عن القانون لفائدة سلامة نفسه.

Exit mobile version