Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

اختراع الكتابات وحالة السرد باللغات الإفريقية بالرباط

افتتحت أمس الأربعاء بالرباط، أشغال ندوة دولية تنظمها أكاديمية المملكة المغربية تحت عنوان “اختراع الكتابة وحالة السرد باللغات الأفريقية”.

وتأتي هذه الندوة التي تنظم على مدى ثلاثة أيام، في إطار أنشطة كرسي للآداب وللفنون الإفريقية الذي استحدثته الأكاديمية، وتروم استكشاف حالة السرد في إفريقيا من خلال اللغات الإفريقية القديمة والجديدة التي تتخذ كخيارات مختلفة لترجمة فكر ومقاومة وتجربة مجتمعية.

وأبرز أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبد الجليل لحجمري، في كلمة بالمناسبة، أهداف وأهمية هذه الندوة الدولية على الساحة الإفريقية. وأكد لحجمري “التنوع اللغوي الباهر” بإفريقيا، مشددا على ضرورة النهوض بالفنون والأدب بالقارة وتحليل طرق اشتغال اللغات الإفريقية والآلية التي تواكب بها المنظومة التربوية تعميمها ومعيرتها من عدمها.

وقال لحجمري إن “لغاتنا عبارة عن حوامل متينة، لكنها رغم ذلك في حاجة إلى التفاعل مع اللغات الأخرى، سيما في ظل بيئة متسمة بحدة التنافسية والتفاعل مع الآخرين، وإلى أن تكون في الموعد مع المساهمة الكونية لكل لغة في حكمة العالم.

من جهته، أبرز السلطان بامون، مبير مفون باموم محمد-نبيل مفوريفوم مبومبو نجويا من الكاميرون، أهمية هذا اللقاء في التعريف بالثقافة الإفريقية والنهوض بالتنوع اللغوي من أجل مكافحة الأحكام المسبقة التي تطال القارة.

وأضاف سلطان بامون أن الأمر يتعلق “باستكشاف العديد من أشكال الثقافة في إفريقيا وتسليط الضوء عليها وفق مختلف المقاربات”، مستحضرا القصة الثاوية وراء اختراع لغة “شو-موم” للكتابة التصويرية وحروف “أ- كا – او – كو” من طرف جده الراحل ابراهيم نغويا، الملك ال17 لسلالة نغويا بالقرن التاسع عشر بالكاميرون.

من جهته، استعرض مدير الشؤون الثقافية في مملكة بامون بالكاميرون، أومارو نشاري، في عرض بعنوان “لو حكي لي عن مملكة بامون”، تاريخ سلالة بامون والقيم التقليدية لسكانها، إضافة إلى ثرائها وتنوعها الثقافي.

وأشار في هذا السياق إلى احتفالية “نغون”، باعتبارها عيدا ثقافيا تقليديا لسكان بامون، يعبرون فيها في نهاية كل عام عن شكرهم لملكهم، الذي يعمل من جانبه على إعادة توزيع عادلة لمحاربة المجاعة داخل مملكة بامون، مضيفا أن “هذا الحدث الذي كان يمثل نوعا من الديمقراطية الإفريقية، يمكن أيضا ممثلي الشعب بالتعبير عن أفكارهم وكشف مشاكلهم بحرية لملكهم”.

ومن جانبه، وفي عرض بعنوان “إبراهيم نجويا: السلطان المخترع”، ركز مسؤول التواصل الإقليمي في الكاميرون، محمد عزيز مبوهو، على موضوع بببليوغرافيا الملك نجويا، وهو الملك السابع عشر لسلالة بامون، سواء فيما يخص فرادة فترة حكمه، أو ثراء أفكاره وأعماله.

وذكر أن “هذا الملك استغل بشكل جيد مواهبه المتعددة، وخياله وعبقريته، لخلق مذهب ديني توفيقي، ولغة أرستقراطية لا يزال الحديث بها متواصلا إلى اليوم، وبناء قصر مهيب، وصياغة تشريع داخلي”، مبرزا أنه “بالنسبة للمؤرخين، فإن الأوج الذي بلغه شعب بامون يعود إلى عهد الملك نجويا، ابن الملك نسانغو”.

وتسعى المداخلات المختلفة التي تشهدها أشغال هذه الندوة، إلى وضع الإبداع اللغوي الإفريقي، من خلال شخصيات ولغات جديدة ومعروفة، في سياق سردي قاري، مرتبط بالمغامرة العالمية للأفكار.

وتشهد هذه الندوة الدولية مشاركة العديد من الخبراء والباحثين والمؤرخين والأساتذة من عدة دول مثل الولايات المتحدة والسنغال ونيجيريا وبوركينا فاسو وغينيا وبنين وهايتي.

وحسب أكاديمية المملكة المغربية، هناك “حجاب سميك ينظر الكثيرون من خلاله إلى اللغات الإفريقية نظرة دونية معتبرين إياها لهجات لا غير، في حين أنها أدوات تواصل مكتملة. ومن ثم يعتبر هؤلاء اللغة الإفريقية وليدة لحظة تاريخية محدودة في الزمن، تشهد على ماض ولى دون أن تكون جديرة بأي قدرة على الابتكار أو توليد للمفاهيم”.

يشار إلى أن أكاديمية المملكة المغربية استحدثت كرسي للآداب وللفنون الإفريقية في ماي 2022، وذلك بهدف الإسهام في تقريب المسافات من خلال الأدب والفنون وربط الشمال بالجنوب. وسبق للأكاديمية أن نظمت ندوتين في إطار هذا الكرسي، الأولى تكريما للأديب المالي الراحل يامبو أولوغيم، تحت عنوان “من واجب العنف إلى واجبات الآداب”، والثانية تحت عنوان “العائلة والنظر إليها كمتاهة أو كاستعارة”.

يشار إلى أن أكاديمية المملكة المغربية، باعتبارها مؤسسة وطنية علمية عليا، تضطلع بمهمة الإسهام في التقدم الفكري والعلمي والثقافي للمملكة. كما تعمل، في ضوء المرجعيات الدستورية والتوجهات العامة للدولة، على التعريف بمقومات الهوية الوطنية بكل مكوناتها وروافدها، وعلى نشر القيم والمبادئ الكونية المرسخة للحوار المثمر بين الثقافات والحضارات

Exit mobile version