اكتملت اليوم الثلاثاء الدورة الانتخابية، بعد اختيار الناخبين الكبار لممثليهم بمجلس المستشارين، أو الغرفة الثانية كما يصطلح عليها، وذلك بعد انتخابات ثلاثية جرت يوم 8 شتنبر الماضي، حيث تم انتخاب أعضاء مجلس النواب، وأعضاء مجالس الجهات والجماعات الترابية، وتم انتخاب رؤساء ومكاتب الجماعات والجهات واختيار اللجان، وقبلها انتخابات الغرف المهنية، وبهذا تكتمل الدورة الانتخابية.
تعتبر الدورة الانتخابية التعبير الأسمى عن الديمقراطية الانتخابية، التي هي أساس التعبير عن الإرادة العامة، كما سماها جان جاك روسو، في وصفه لانتقال الإنسان من حالة الطبيعة إلى العقد الاجتماعي، لأن إرادة الشعب تتجسد في اختيار من يمثله، لكن لا يتم التعبير عنها إلا من خلال حماية حقوق الناخبين أو المواطنين عموما، وقد اختار المغرب باكرا “الديمقراطية الانتخابية” كجسر نحو اختيار أفضل نظام سياسي ينسجم مع الوضع التاريخي للمغرب.
جاء مجلس المستشارين كفكرة واقية من “تغول” أي تحالف حكومي، فهو الضامن لتمثيل الباطرونا والنقابات وكل ما هو اجتماعي، وهي تعبيرات لا يمكن أن نعثر عليها وسط الأحزاب السياسية، وبالتالي هو يناقش القوانين الواردة من مجلس النواب، إلا ما كان ذا أسبقية، وذلك في قراءة ثانية، بمعنى هو من يحرص على تجويد القوانين وعلى مراعاة التوازن.
أدلى الناخبون الكبار باصواتهم، وإذا سارت الأمور وفق ما أعلنت أحزاب الأغلبية الحكومية، فإننا سنكون أمام ضرب لأهم عنصر في الديمقراطية ألا وهو التنوع والتعبير عن التعدد. لسنا ممن يزايد على الأحزاب السياسية، التي من حقها اختيار التحالفات التي تريد، ومن حقها أن تختار هذا الطرف على ذاك بل أن تدعم بعضها البعض.
غير أنه من غير المنطقي أن يتم التحالف على حساب قيم الديمقراطية، التي هي ضمان التعددية والاختلاف، وما سمعناه أن مجلس المستشارين، لا قدر الله، سيكون نسخة طبق الأصل من مجلس النواب، حيث إن الأغلبية الحكومية هي نفسها الأغلبية في مجلس النواب، وكان مفروضا أن يكون مجلس المستشارين مختلفا عن مجلس النواب ضمانا لفصل السلط وضمانا للرقابة على الحكومة، التي لن تجد رقابة في مجلس النواب، الذي توجد فيه أغلبية هي نفسها الأغلبية الحكومية، ومعارضة مطرودة من الأغلبية أي لم يتم قبولها في تشكيل التحالف الحكومي.
فإذا ما ذهبت الأمور كما هو شأن الجهات والمجالس الترابية، فستكون كارثة حقيقية من خلال انعدام أي مؤسسة تكون قادرة على “فرملة” السرعة المفرطة للحكومة في اتخاذ قرارات ذات طابع اجتماعي لها جرأة ضد المواطن. فالحكومة كما يبدو هي حكومة رجال الأعمال ولن تراعي في المواطن إلاّ ولا ذمة وستأتي بالقرارات التي تخدم مصالحها، وسيكون لذلك تكلفة اجتماعية رهيبة.
اكتمال الدورة الانتخابية
