Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الأسئلة الشفوية المكررة

قضية مهمة تفيد أن البرلمان في المغرب ليس أداة لخلق مستوى من مستويات الرقابة على العمل الحكومي، وغنما هو نسخة مكررة في كل شيء، بما في ذلك ما أسماه المرحوم الحسن الثاني “السيرك”، وأهم نقطة هناك تدل على التكرار هو الأسئلة الشفوية، أما الأسئلة الكتابية فهي تبقى طي الكتمان ويعلم الله والقائمون عليها نوعيتها، وهل هي من نوع تلك الأسئلة التي يطرحها برلماني حول بئر بدوار بعيد وهو رئيس الجماعة وكان بإمكانه حفرها من أموال الجماعة أو أي مشروع آخر تطرحه الدولة.
الأسئلة الني نسمعها اليوم هي التي سمعناها أمس وأول أمس، يعني في البرلمان الحالي والسابق والذي سبقه، ونقصد بالبرلمان هنا الولاية التشريعية، ويمكن أن تصبح هناك دكاكين لبيعها لأنها منتوج متشابه لا إبداع فيه، وننصح البرلمانيين ومن يكتب لهم أن يقرؤوا جيدا الصحف الوطنية والمواقع الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعية فإنها أحيانا تطرح قضايا تحتاج إلى المساءلة الدقيقة.
فالأسئلة الشفوية والكتابية هي أهم أدوات الرقابة على العمل الحكومي. في البرلمان هناك أعمال كثيرة، فهناك الدور التشريعي، الذي يتم عبر المناقشة والتصويت والتجويد من خلال التعديلات على مشاريع القوانين، التي تقدمها الحكومة، وعبر مقترحات القوانين، كما يقوم البرلماني بالمساهمة في اللجن، ومنح المشرع للنواب والمستشارين حق تشكيل لجان تقصي الحقائق في بعض الملفات.
غير أن الرقابة تتم أساسا عبر الأسئلة الشفوية والكتابية، ويتسابق البرلمانيون من أجل طرح الأسئلة الشفوية، ومنهم من لا يحضر إلا إذا كان متقدما بسؤال شفوي لأنه سيحظى بالمرور في وسائل الإعلام العمومي، وبوساطة هذا الظهور يصنع رأسمالا رمزيا في دائرته الانتخابية، مع العلم أن الأسئلة الكتابية وسيلة دقيقة في الرقابة لأنها تعتمد على التوثيق الكتابي، الذي يمكن استثماره في حماية المال العام من الانتهاك عن طريق الصفقات المشبوهة أو غير المكتملة الأركان.
وعلى ذكر الصفقات ينبغي الإشارة إلى أن بلادنا تعرف سنويا مئات الصفقات الضخمة، لكن لا يتناولها البرلمانيون، هناك من يخاف على نفسه من أن يتم الوصول إلى بعض ملفاته، وبالتالي يعارض بطريقة ذكية يظهر معها “جذريا” وهو لا يمس الجوهر. فكل سنة نسمع أسئلة متكررة مثلا عن الاكتضاض في بعض الأقسام الدراسية، لكن ولا سؤال واحد عن صفقات الكتاب المدرسي وبناء المدارس وغيرها من الصفقات الكبرى التي تستهلك مبالغ طائلة ومنها ما لا طائلة من ورائه.
ما قلناه عن التعليم يمكن أن نقوله عن الصحة فأغلب الأسئلة تطرح على غياب مستوصف بالدوار الفلان فلاني، طبعا ينبغي أن يكون وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها في علاج المغاربة، لكن الجواب سيكون من قبل الوزير هو أن الوزارة تفكر في ذلك، ومع هذا الجواب تغيب الأسئلة الحقيقية عن صفقات بناء المستشفيات وصفقات الأدوية وغيرها.
إذا لم تتحول الأسئلة الشفوية والكتابية إلى أدوات مزعجة للحكومة فلن نضمن رقابة على المال العام الضائع في مشاريع غير دقيقة.

Exit mobile version