يقول المناطقة “الجهد لا يبرر المضمون”. لا ينكر أحد أن هناك جهدا كبيرا تقوم به اللجان التي تراقب الأسواق. لكن بأي مضمون؟ وبأي وسائل؟ وبأية أهداف؟ هذه اللجان تحمل فشلها في طياتها، لأن الهدف المعلن مضلل للرأي العام.
واليوم جاءت اللجنة البين وزارية لتقدم حصيلة عملها خلال 12 يوما من رمضان. فكانت الكارثة التي لا يمكن استيعابها. قدمت لنا الأسعار بكل منطقة. ولأول مرة تعرفنا على دور جديد لهذه اللجان، التي تجوب الأسواق، ألا وهو إشهار الأسعار في المناطق. وهي مهمة كانت تقوم بها التلفزة المغربية في بداياتها الأولى كما يحكي من أرخ لها.
الحكومة مسؤولة عن ارتفاع الأسعار بأي وجه من الأوجه بل هي متورطة فيه من خلال تورط “تجمع المصالح الكبرى” في العمليات التجارية الاحتكارية.
ولهذا نرى أن دور اللجنة الوزارية واللجان في كل منطقة ليس هو “رؤية” الأسعار وإشهارها للعموم، ولكن دور الحكومة، الذي هو أكبر من دور اللجنة، أن تتدخل بكافة الوسائل للحد من موجة الغلاء الهالكة وتراقب الأسعار وارتفاعها من خلال مراقبة آثار الاحتكار، التي أتت على الأخضر واليابس، والذهاب إلى منبع هذا الغلاء بدل “الحركة” (بتسكين الراء) ضد بسطاء الباعة، الذين يربحون شيئا بسيطا.
أين مكمن الغلاء؟ لماذا ارتفعت الأسعار؟ لماذا هذا الجشع؟ هل المسؤول هو البائع بالتقسيط؟ أي بائع وقفت أمامه وسألته عن الثمن يقول لك “فيه غير البركة” وفعلا لما تطلع على الفاتورة التي اقتنى بها البضاعة ترى فعلا أنه “فيه غير البركة”، لكن من أين جاء سعار الأسعار؟
هذا هو السؤال الحقيقي الذي ينبغي أن تجيب عنه الحكومة، أما اليوم فهي تجيب عن سؤال غير مطروح، لأن البائع بالتقسيط يحب “الرخا” لأنه يبيع كثيرا ويربح كثيرا بينما الغلاء يكون كارثة عليه، ولهذا فإن الحملة التي تقوم بها اللجان لا يمكن أن تحد نهائيا من ارتفاع الأسعار، مع العلم أن هذه اللجان ليس من مهامها مراقبة الأسعار، ولكن مراقبة الجودة والصلاحية والاحتكار.
يعرف المواطن أن السوق ليس هو من يحدد السعر ولكن البضاعة التي تحدد السعر وفق قانون العرض والطلب، ولقد هاجموا أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، لما قال إن موضوع التضخم بنيوي وداخلي، لأن الإنتاج غير كافٍ، فالحكومة ورئيسها الذي كان وزيرا للفلاحة ركزت على إنتاج بضاعة فلاحية صالحة للتصدير فقط وتم إنهاك السوق الداخلية وتم تهديد الأمن الغذائي والاستهلاكي، وتهديد الأمن الغذائي مقدمة لضرب الاستقرار.
يعرف المواطن أن الخلل يقع خارج الأسواق، التي لا يربح أصحابها كثيرا، وهو موجود في مكان ما حيث “الكبار” الذين نسميهم نحن “تجمع المصالح الكبرى”، وبالتالي تقديم الأسعار في كل مكان والزعم بأن اللجان تراقب الأسعار مجرد جواب عن سؤال غير مطروح.
الأسعار وجواب الحكومة عن سؤال غير مطروح
