Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الأغلبية تسارع لإخراج الحكومة

دخلت الأغلبية الحكومية مرحلة تسريع وثيرة المشاورات لتحديد الهيكلة الجديدة للحكومة المقبلة، ووضع برنامج عمل يستجيب للوعود الانتخابية التي طرحهتا الأحزاب الثلاثة خلال الانتخابات، وجعل البرنامج الحكومي يتماشى مع أهداف النموذج التنموي الجديد وتطلعات جلالة الملك وتوجيهاته السامية التي رسمها في خطاب العرش و خطاب ثورة الملك والشعب، وتعكف الاغلبية الحكومية على وضع التصور الحكومي قبل مناقشة أسماء الوزراء، معتبرين أن البرنامج الموحد و نقاط العمل أهم من مناقشة الأشخاص المؤهلين للاستوزار ، حيث شددت مصادر من الأغلبية على أن الأغلبية عازمة على إنجاح تصور عملي مشترك ، مجمعين على أن الوزراء جزء من العمل الحكومي المشترك وان الأهمية تعطى اليوم للبرنامج المشترك وطبيعة المنظومة الجديدة للعمل الحكومي في خلق تناسق بين جميع القطاعات الحكومية لإنجاح التدبير الحكومي، وجعل جميع القطاعات تعيش في تكامل بين مكوناتها للوصول الى نتائج عمل تستجيب لتطلعات المغاربة.

و كشف عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عن موعد إعلان الحكومة الجديدة ، وأهم الملفات التي ستوليها أولية، قائلا في تصريحات خاصة لـ”سبوتنيك” أن المشاورات بشأن اختيار الوزراء ما زالت مستمرة حتى الآن، وأن الحكومة الجديدة ستعمل على النهوض بثلاثة مسارات “اقتصادي، سياسي، اجتماعي”، وأوضح وهبي أنه من المرتقب أن يتم الإعلان عن أسماء الحكومة الجديدة قبل الثامن من الشهر المقبل أكتوبر، ويرى وهبي أن التقارب في التفكير والانسجام في الاختيارات السياسية وقوة الحضور تساعد الحكومة المقبل في تحقيق الأهداف المنشودة، وتابع “اتفقنا على البرنامج الحكومي، وتنزيل النموذج التنموي، وكذلك حول القضايا المرحلية، وخطة عمل، وميثاق الأغلبية”.

و قال الموساوي العجلاوي، الأستاذ الباحث في مركز إفريقيا والشرق الأوسط، إن الحكومة المقبلة مطالبة بإعداد برنامج حكومي واضح وواقعي يستجيب لانتظارات المغاربة، وأوضح العجلاوي، أن الأحزاب السياسية المشكلة للتحالف الحكومي مطالبة ببلورة برنامج واضح وواقعي يستند إلى واقع الأرقام والمحيط الإقليمي غير المستقر، وتنزيله في إطار التوجيهات التي جاءت في الخطب الملكية السامية.

وأشار إلى أنه “يتعين اليوم الخروج من البرامج الانتخابية إلى البرنامج الحكومي الواقعي، لأن كل حزب لن يحترم تعهداته، سيعاقب من قبل صناديق الاقتراع”، وتابع قائلا إن التحالف الحكومي مطالب بصياغة برنامج حكومي يلبي احتياجات المواطنين وتقديم أجندة لأجرأة وعوده على مدى خمس سنوات، مشيرا إلى أن بعض البرامج الانتخابية يصعب تحقيقها، خاصة في سياق يتسم باستمرار تداعيات كوفيد- 19 واقتصاد عالمي متباطئ، لذلك، يقول المحلل السياسي، فالحكومة المقبلة مدعوة إلى الانكباب على تنزيل عدد من الأوراش الكبرى، وعلى رأسها النموذج التنموي الجديد، وإيلاء الأهمية اللازمة للقضايا الاجتماعية من قبيل خلق مناصب الشغل وإصلاح قطاعي التعليم والصحة والتقليص من التفاوتات الاجتماعية والمجالية.

و اعتبر العجلاوي أن “انتخابات 8 شتنبر شكلت بداية مرحلة جديدة ” وأن المواطن المغربي ” قدم رسالة للجميع مفادها أن الانتخابات في المغرب متميزة “، وعن مميزات الحملة الانتخابية خلال هذه الاستحقاقات، لاحظ المتحدث أن الحملة، التي جرت في سياق جائحة كوفيد- 19 وقلق اجتماعي ونفسي ليس في المغرب فحسب، بل أيضا في كل دول العالم ، مكنت الأحزاب السياسية من الاندماج في كل هذه السياقات، كما تميزت عن سابقاتها بمستوى كبير من التعبئة في وسائل التواصل الاجتماعي، وسجل أن الأحزاب المتصدرة لنتائج الانتخابات وأحزابا أخرى نجحت في توظيف منصات التواصل الاجتماعي، وأيضا في استقطاب الشباب من خلال هذه المنصات ، لذلك، يتابع السيد العجلاوي، “فالشباب الذي تم اختراقه بسرعة، سي حاسب هذه الأحزاب أيضا بسرعة إن لم تحترم تعهداتها التي أطلقتها أثناء الحملة الانتخابية”.

من جهته اعتبر المحلل السياسي وعالم الأنثروبولوجيا أحمد حميد شيتاشني أن النسبة الكبيرة المسجلة للمشاركة في الانتخابات العامة في الثامن من شتنبر الجاري تعكس “تجاوب” الناخبين مع “الوعود الواضحة” التي قدمتها الأحزاب السياسية خلال الحملة الانتخابية، والتي مست بشكل مباشر القضايا الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين .

وأشار شيتاشني ، إلى أنه على الرغم من إجراء الحملة الانتخابية في سياق خاص ميزته التدابير الصحية المتخذة بسبب انتشار وباء كورونا المستجد، مع ما ترتب عنه من غياب للتجمعات واللقاءات الانتخابية الرئيسية، فإن معدل المشاركة في هذا الاستحقاق الثلاثي (التشريعي والجهوي والجماعي) بلغ 50,35 في المائة مقابل 42,29 في المائة سنة 2016، فبالنسبة له (في انتظار إحصائيات أكثر تفصيلا) ، فإن الناخب كان أكثر تفاعلا ، خلال الحملة الانتخابية ، اتجاه المواضيع والوعود الواضحة التي تمس وضعه المادي أو المهني، ومنها على سبيل المثال المساعدة المالية للفقراء والوعود المتعلقة بإحداث المزيد من فرص الشغل.

وأوضح المتحدث ذاته أن تنظيم الاقتراع الثلاثي مكن، أيضا، سهل على الناخب عملية التصويت واختيار مرشحيه “على أساس قناعاته الجماعية” ، مضيفا أن الخيارات الثلاثة (الجماعية ، والجهوية ، والوطنية) جاءت متناغمة من حيث تصنيف الأحزاب الفائزة، معتبرا أن “التصويت المحلي العقابي بسبب سوء تدبير الشأن الجماعي وجه الناخب في اختياراته”، وأضاف شيتاشني أن هناك عاملا آخر يفسر نسبة التصويت، يتمثل في لجوء الأحزاب السياسية إلى ابتكار أساليب جديدة في التواصل مع الناخبين، تجسد بشكل خاص في استخدامها للوسائط الرقمية والشبكات الاجتماعية لاستمالة المصوتين وحشد معظم المؤيدين.

وأوضح عالم السياسة والأنثروبولوجيا أن الأحزاب استفادت في ذلك من ارتفاع عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية لأول مرة، إذ وصل العدد إلى أزيد من ثلاثة ملايين ناخب جديد، والذين يمثلون 11,9 في المائة من السكان في سن التصويت. وتابع، في هذا السياق، أن هؤلاء الشباب ، الذين من بينهم أكثر من 79 في المائة حاصلون على تعليم ثانوي أو عال، يميلون بشكل كبير إلى استخدام التقنيات الحديثة وهم أكثر تواصلا ، من خلال التقاسم، عبر الشبكة العنكبوتية .

وبالعودة إلى التصويت العقابي الذي استهدف بعض الأحزاب السياسية من خلال صناديق الاقتراع ، قال السيد شيتاشني إن الناخب يتوقع الآن “الوفاء بالوعود الانتخابية من قبل الأحزاب التي صوت لها”.

وشدد على أن “الأمر متروك للأحزاب السياسية لبلورة سياسات محلية قائمة على المشاركة والتضافر من أجل تأمين فضاءات عيش أكثر جاذبية، مع الأخد في الاعتبار الخصوصيات المحلية والجهوية ، مضيفا أن التعليم والتشغيل يشكلان الأولويات الأساسية على المستوى الوطني”، وفي إشارة أكثر تحديدا إلى التوقعات والتحديات التي تبرز على مستوى الدار البيضاء، يؤكد شيتاشني أن هذه المدينة، باعتبارها عالما مصغرا يجمع كل التحديات العمرانية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، ينبغي إيلاؤها “كل الاهتمام الممكن”، وأعرب عن أسفه أن “الناخب في الدار البيضاء رأى كل التيارات والألوان السياسية تناوبت على إدارة مدينته. وبدلا من ترك إنجازات ملحوظة، فإنهم يتركون عيوبا لا تحصى”.

ويرى أنه بفضل المرونة التي يتميز بها ، فإن المواطن البيضاوي “لم يفقد الأمل، ويحاول التفاعل عبر المجتمع المدني . إنه يدرك أن الأوراش المهيكلة الكبرى التي تعرفها المدينة جاءت بمبادرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وليست بمبادرات من السلطات والمنتخبين المحليين”، وبالنسبة لشيتاشني ، تظل الدار البيضاء مدينة جامعة “لكل أولوياته وضروراته العاجلة”.

Exit mobile version