Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الأمطار تنعش آمال الفلاحين لكنها لا تبدد مخاوف أزمة المياه

شهد المغرب خلال الأيام الأخيرة موجة من التساقطات المطرية التي أنعشت الآمال بإنقاذ الموسم الفلاحي، خاصة الزراعات الربيعية التي تعتمد بشكل أساسي على مياه الأمطار.

كما ساهمت هذه التساقطات في تحسين مستوى الفرشة المائية وتعزيز المخزون المائي للسدود، التي سجلت ارتفاعًا طفيفًا في نسب الملء بعد سنوات من الجفاف الذي أثّر على الموارد المائية للبلاد.

ارتفاع طفيف في مخزون السدود

ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة التجهيز والماء، فقد بلغت النسبة الإجمالية لملء السدود في المغرب، حتى يوم الأحد، 28.65%، بزيادة طفيفة بلغت 0.27% مقارنة باليوم السابق، ليصل حجم المخزون المائي إلى 4.825 مليار متر مكعب. ورغم أن هذا الرقم يعكس تحسنًا طفيفًا مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، حيث لم تتجاوز النسبة 27.9%، إلا أن الموارد المائية لا تزال دون المستوى المطلوب لتلبية الاحتياجات المتزايدة، خاصة في ظل تزايد الضغط على المياه بفعل النمو الديموغرافي والتغيرات المناخية.

وبحسب المعطيات الرسمية، تختلف نسب الملء بين الأحواض المائية، حيث سجّل حوض زيز-كير-غريس أعلى نسبة ملء بـ 53.02%، متبوعًا بحوض اللكوس بنسبة 44.92%، ثم حوض أبي رقراق بـ 41.84%. في المقابل، تعاني بعض الأحواض من ضعف حاد في المخزون المائي، مثل حوض أم الربيع الذي سجل 6.58% فقط، وحوض سوس ماسة بنسبة 17.53%.

تحسن محدود في بعض السدود واستمرار العجز في أخرى

وسجلت بعض السدود تحسنًا ملحوظًا في مخزونها المائي، أبرزها سد وادي المخازن، الذي ارتفعت نسبة ملئه إلى 69.1% مقارنة بـ 62.9% في العام الماضي، فيما تحسن مخزون سد إدريس الأول ليصل إلى 26% بعد أن كان في حدود 19%.

لكن في المقابل، تراجعت نسبة الملء في بعض السدود الكبرى، مثل سد الوحدة، الأكبر في المغرب، الذي انخفضت نسبة ملئه من 41% إلى 38.4%. كما لا يزال سد المسيرة، ثاني أكبر سد في المملكة، يعاني من شح المياه رغم تسجيل ارتفاع طفيف في مخزونه، حيث لم تتجاوز نسبة الملء 2.9% مقارنة بـ 1.2% العام الماضي، في حين تراجعت نسبة الملء في سد بين الويدان إلى 6% بعد أن كانت 8%، مما يعكس استمرار الأزمة المائية في عدد من المناطق الحيوية.

الحلول الاستراتيجية لمواجهة الأزمة

ورغم التحسن الطفيف في المخزون المائي، إلا أن الخبراء يؤكدون أن الوضع لا يزال حرجًا، مما يستدعي اتخاذ تدابير عاجلة لتعزيز الأمن المائي. وفي هذا الإطار، قال إدريس أرواز، المهندس المتخصص في الهندسة المائية، إن نسبة الملء الإجمالية الحالية تعكس تحسنًا محدودًا لا يكفي لمواجهة التحديات المائية التي تواجهها المملكة.

وأوضح أرواز، في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، أن الأحواض المائية الشمالية والشرقية سجلت وضعًا أفضل نسبيًا، في حين تبقى الأحواض الوسطى والجنوبية، خاصة أم الربيع وسوس ماسة، في وضعية مقلقة.

وأضاف أن الحلول الممكنة لمواجهة هذه الأزمة تشمل تسريع تنفيذ مشاريع تحلية مياه البحر، وتعزيز عمليات إعادة تدوير المياه العادمة، إلى جانب تحسين البنية التحتية لتخزين المياه ونقلها بين الأحواض الأكثر احتياجًا. كما شدد على ضرورة ترشيد استهلاك المياه، خاصة في القطاعات الفلاحية والصناعية، باعتبارها من أكبر المستهلكين للموارد المائية.

وفي ظل التقلبات المناخية المتزايدة، يبقى الأمن المائي في المغرب تحديًا استراتيجيًا يتطلب نهجًا متكاملاً يجمع بين الحلول المستدامة والإجراءات العاجلة، لضمان تلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان وحماية القطاعات الاقتصادية الحيوية من آثار ندرة المياه.

Exit mobile version