Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الأمن الغذائي في ذهن الوزير محمد صديقي فقط

لغة الأرقام قد تكون مفيدة لأصحاب الاقتصاد والذين يجرون وراء المعادلات، لكن المعادلة الحقيقية هو أن يكتشف من لا يعرف الأرقام “روح الأرقام” في السوق، لما يخرج لاقتناء أغراضه المنزلية وما يطعم به أبناءه، أما أن يتحدث وزير الفلاحة محمد صديقي عن الأمن الغذائي و “تحقيق نسب عالية في تغطية الحاجيات الوطنية من المنتجات الفلاحية”، فهذه أطروحة لا تستقيم أمام ما نراه في السوق، الذي ينبغي أن يعكس المعادلة الحقيقية.
لا نعترض على كون العديد من المنتجات متوفرة لكنها لا تحقق الأمن الغذائي، ولا يمكن تأمين أكل الناس بما فضُل من منتجات ضيعات الفواكه، التي تبيع في السوق الوطنية الأطنان المرفوضة في التصدير أو حدوث مشاكل في التصدير. ولا يمكن تأمين أكل المواطنين والقضاء على جوعهم بالسلاسل الانتاجية الحالية، التي قضت على زراعة القمح والذرة لفائدة فواكه تستنزف الفرشة المائية ولا تعود فائدتها إلا على كبار الفلاحين.
قد يكون كلام الوزير صحيحا مائة في المائة إذا تحدث عن الفلاحات التصديرية، التي يعد أصحابها على رؤوس الأصابع، والتي تتمتع بهدايا ضريبية لا يمكن تصورها، وإذا كان حديثه عن “الفصيل الفلاحي” في “تجمع المصالح الكبرى”، وكثير من المسؤولين والوزراء هم من كبار المنتجين الفلاحيين.
عندما نتحدث عن الأمن الغذائي نتحدث عن أساسيات القوت اليومي. وعلى رأس هذه المواد نتحدث عن القمح باعتباره منتجا للدقيق، ويعرف الوزير كم نستورد من الأطنان سنويا بعد القضاء على الزراعات التي تنتج البذور. ويعرف أننا نستورد العدس من كندا وسنتورد أغلب حاجياتنا من الخارج. عندما نتحدث عن الأمن الغذائي نتحدث عن زيت المائدة الذي أصبح “مقدارا بدينار” على حد قول العرب قديما، أي غالي ونفيس، أما زيت الزيتون فأصبح أكلا للمترفين.
الحديث عن الأمن الغذائي يستوجب الحديث عن اسواق الخضر، والأسعار الملتهبة التي تعرفها. توفر المواد لا يعني أمنا غذائيا، لأنه قد يعني توترا للعائلات كما قد يعني إفلاسا لصغار الفلاحين، خصوصا وأن المواد الأولية صعدت أسعارها بشكل صاروخي. غير أن الحقيقة غير ذلك، فالمواد غير متوفرة بشكل يسد الحاجيات، حتى أن بعض الخضر التي كان يضرب بها المثل في رخص الأسعار أصبحت غالية جدا ولم تعد هناك أكلة خاصة بالفقراء.
قبل أسابيع عرف المغرب أزمة غير طبيعية في إنتاج الحليب، وانعدمت هذه المادة من الأسواق ومحلات البيع وتم استعمال “بذرة الحليب” في الإنتاج مع رفع السعر بأكثر من درهم ورفع أسعار كل المنتجات الحليبية.
ويتحدث الوزير عن وفرة الإنتاج في السوق الوطنية بينما أسعار اللحوم في تصاعد مستمر أرهقت الأسر، التي اضطرت لأول مرة في تاريخ المغرب للاقتراض لتأمين “الكوزينة”.
الأمن الغذائي في المغرب متدهور وقد يؤدي لا قدر الله إلى انهيار الاستقرار الذي لا تفكر فيه الحكومة.

Exit mobile version