تقول الكاتبة أحلام مستغانمي “إن الابتسامات فواصل ونقاط انقطاع، وقليل من الناس أولئك الذين ما زالوا يتقنون وضع الفواصل والنقط في كلامهم..”، فعلا الإبتسامة لها دور كبير و مفعول قوي جدا في حياة الأفراد قد يتغافل الكثيرون عنها ودون مبالغة في الأمر هي سر سعادة الإنسان أو شقاؤه ، وبإمكانها أن تفتح له أبوابا كثيرة وغيابها يمكن أن ينفر المحيطين حول فاقدها ..
لا يمكننا أن ننكر الأحوال النفسية للمغاربة خصوصا بعد أزمة كورونا العالمية ، و تخوف الكثيرين من مصافحة بعضهم البعض و إلتزام آخرين بتجنب التجمعات ، حيث أصبح البعض يتفادى الوقوف المطول و أصبح الجار يتفادى جاره ، الكل في قوقعته حتى فقد معظم الناس ابتسامتهم فتجد حتى الأمهات في بعض المدارس يصطحبن أولادهن ، و يولوا بسرعة إلى أدبارهن ، ففي استطلاع رأي على منصات التواصل الإجتماعي، أغلب السيدات يتحدثن عن فقدان الإبتسامة التي كن يقتسمنها لإلقاء التحية سواء في المدرسة أو السوق و في بعض الأحيان حتى في العمل ، فأصبح الإنسان يتغافل عن هاته الجزئية البسيطة من تقاسيم الوجه ، و هو لا يعلم أنها يمكن أن تغير يومه إلى الأفضل ؛
فقد ثبت علميا أن الإبتسامة تساعد في إنتاج كريات الدم البيضاء في الجسم و التي بدورها تكون مسؤولة عن مقاومة الأمراض و هذا ينعكس إيجابا على تقوية جهاز المناعة لذلك ترى الأطباء المختصين في أمراض الأطفال يحاولون رسم الإبتسامة على محيا الصغار وذلك لتعزيز تقوية المناعة عندهم و تسهيل مواجهة أمراضهم، ناهيك عن هرمونات تفرز في الجسم تسمى “الأندورفين” بمجرد ابتسامتك ، حيث تخفف من حدة الضغط التوتر العصبيفي الجسم و خصوصا على القلب و جهاز الأعصاب و هاته الهرمونات لا يمكن جسمك الحصول عليها ، إلا بممارسة الرياضة أو القيام بمجهود بدني خفيف ، و من بين هاته المجهودات ابتسامة جميلة خفيفة تلقا بها أخاك أو صديقك أو جارك أو زميلك ، فتنقل له العدوى ! نعم حيث ذكر الإختصاصيون في هذا المجال أن الإبتسامة معدية ، حيث إذا ابتسم شخص أمامك فأوتوماتيكيا تبتسم له لأن لكل فعل في الحياة ردة فعل -إلا في حالات قليلة- حيث أن جزءا من المخ ، ينشط بمجرد رؤية ابتسامة فيعطي دماغك أمرا للسيالة العصبية لكي تقلص العضلات المحيطة بفمك و التي حصرتها بعضالأبحاث في 14 عضلة ! و هاته التقنية تحد من زحف الشيخوخة على وجه الإنسان . فبالنسبة للكسالى الذين لا يمارسون الرياضة على الأقل … إبتسموا !
أما من الجانب الديني ، فقد قال رسولنا الكريم في هذا الباب : ” تبسمك في وجه أخيك صدقة ” فقد أصبحنا نلاحظ في عصر السرعة قلما يقابل الإنسان إنسانا آخر بابتسامة ، و حتى إذا فعلها تجده يتذمر لأن الطرف الآخر لم يبادله الإبتسامة أو التحية ، و يصل هذا الشخص إلى حد قطع وعد على نفسه بألا يبتسم مجددا في طريقه …، لكن هذا خطأ فادح في حق نفسه كما فصلنا أعلاه بالنسبة للجانب العلمي ، و كذا في ديننا الحنيف ، لأنه عندما تتصدق ، فأنت في عبادة بينك وبين خالقك ، لدرجة أن يدك اليسرى لا تعلم ماذا أعطت اليمنى ، و كذلك الحال بالنسبة للإبتسامة فهي صدقة كما و رد في الحديث الشريف ، فهي إن لم تنفع غيرك فكن على يقين أنها نفعتك …بل حتى أن أهل المغرب القدامى كانت لهم أمثلة و معاني قديمة حيث قالو في هذا الصدد ” إذا لم تتصدق بفلسك ، فتصدق بضرسك ” وكن على يقين أن الله لا يضيع أجر من عمل حسنا !
فتصور أنك إذا صادفت شخصا مهموما في طريقك أو في عملك أو محيطك يصبح إنسانا سعيدا ، فرحا مستبشرا لأنه قابل وجها سمحا بشوشا ، فلما تضيع عليك هاته الفرصة الثمينة التي لا تتطلب منك لا جهدا جسميا و لا عبئا ماديا . وترجع عليك بالنفع في دنياك و في آخرتك ، فالفكرة التي عليك الإقتناع بها هي أن الإنسان المبتسم هو دائما إنسان محبوب و ناجحو يتمتع بصحة جيدة ،حيث فقط بمجرد تبسمك ، ينقص في جسمك هرمونات التوتر و القلق مثل الكورتيزول و الأدرينالين و الدوبامين فيقل بذلك ضغط الدم زيادة على كون الإبتسامة تصنف في خانة قاتل الألم الطبيعي ، حيث ابتسامتك ولو رغما عنك و عن ظروفك وقت الألم تخفف عنك عبئك وفوق ذلك تسمى ابتسامة الحمد و الشكر على كل حال من الأحوال !و أخيرا نختم بمقولة الشاعر : “قال ابتسم … قال السماء كئيبة و تجهم ، …قلت ابتسم يكفي التجهم في السماء ، فلعل غيرك إن رآك مرنماترك الكآبة و ترنم”
سناء البوعزاوي
الإبتسامة … يا لها من عدوى!
