Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الاتحاد الأوروبي: الجزائر تعيش كارثة في ميدان “حرية الصحافة والإعلام”

تم تسليط الأضواء على واقع حقوق الإنسان بالجزائر بشكل كثيف من قبل الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي، وفي سياق غير مسبوق تم الوقوف بدقة على هذا الواقع المزري الذي لم تعد أية جهة قادرة على التغطية عليه مهما كان الثمن.
لم يعد الأمر يتحمل أي فرصة للإفلات من النقد وتحديد موقف دقيق، حيث تم أمس في البرلمان الأوروبي تنظيم جلسة نقاش حول حالات انتهاك حقوق الإنسان والديمقراطية ودولة القانون في الجزائر، ووقف المتدخلون على الوضعية الكارثية لحرية الإعلام وحرية التعبير في الجزائر، من خلال حالة الصحفي الجزائري إحسان القاضي المحكوم عليه بالسجن خمس سنوات من قبل محكمة سيدي امحمد في الجزائر العاصمة، في 2 أبريل الماضي.
ما قام بهم سؤول الاتحاد الأوروبي خلال النقاش كان بمثابة جرس الإنذار، الذي لزم دقه بعد أن دق النظام العسكري آخر في مسمار في نعش الديمقراطية وحقوق الإنسان بالجزائر، حيث تواجه نهجا قمعيا غير مسبوق.
وخلال هذه الجلسة قال المفوض الأوروبي للعدل، ديدييه رايندرز، إن الاتحاد الأوروبي سجل عدة عمليات اعتقال واحتجاز للصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر.
وأشار إلى أن قضية إحسان القاضي تعد من أهم القضايا في هذا الشأن، مذكرا بأن حقوق الإنسان تكتسي طابعا كونيا وتحظى بالحماية بموجب القانون الدولي.
المفوض الأوروبي في العدل، الذي هو بمثابة وزير عدل الاتحاد الأوروبي، اعتبر الأمر مقلقا للغاية، وتطرق إلى ضرورة أن يخرج هذا الأمر للعلن، أي أن هناك من كان يسكت عنه، وسجل أن هذه القضية أثيرت من طرف الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، خلال زيارته للجزائر يومي 12 و 13 مارس الماضي.
وكان بوريل ذكر بالمسؤوليات التي ينبغي أن تتحملها الجزائر فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحماية الحريات الأساسية، بما في ذلك حرية الصحافة وحرية التعبير.
وفي السردية الأوروبية، التي أصبح لزاما أن تخرج للعلن، رصد المتدخلون، أنه منذ العام 2019، تصاعدت الضغوط على الصحفيين والإعلاميين الجزائريين في أعقاب قمع الحراك، أي الحركة الاحتجاجية السلمية في الجزائر، مع اعتقال وسجن العديد من الصحفيين وإغلاق مجموعة من المنابر الإعلامية، ناهيك عن حل منظمات المجتمع المدني والملاحقات القضائية في حق المدافعين عن حقوق الإنسان.
ومن جهتهم لم يألأوا البرلمانيون الأوروبيون جهدا في فضح الاختلالات العميقة لحقوق الإنسان بالجزائر خصوصا مع انطلاق الحراك الشعبي، وفي هذا السياق أوضحت البرلمانية الأوروبية مارغريدا ماركيس، أن هذه القضية لا تخص الصحفي إحسان القاضي فحسب، بل تحيل بشكل أوسع على غياب حرية الإعلام والتعبير في الجزائر، مبرزة اعتماد السلطات الجزائرية لقانون جديد يشدد العقوبات على الصحافة المستقلة.
وذلك في إشارة إلى قانون جديد تم تقديمه أمام البرلمان أخيرا حول الصحافة والنشر الذي يعتبر في أعين المراقبين سيفا حول عنق الصحفيين ومعه سوف تنعدم ممارسة الحريات نهائيا.
وأشارت النائبة الأوروبية ميكايلا سويدروفا، إلى أن وضعية حرية التعبير في الجزائر تشهد تدهورا منذ العام 1992، لكن اعتماد قانون الإعلام الجديد مؤخرا واعتقال صحفيين مثل إحسان القاضي أدى إلى تفاقم وضعية حقوق الإنسان في هذا البلد.
وانتقد عضو البرلمان الأوروبي جوردي سولي، القرارات القضائية التي اتخذت في السنوات الأخيرة بحق الصحفيين المستقلين في الجزائر، مضيفا أن الحكم على السيد القاضي بالسجن خمس سنوات يشكل اعتداءا حقيقيا على حرية الصحافة.
كما سلط الضوء على العقبات التي يواجهها الصحفيون الجزائريون في ممارسة مهنتهم، داعيا السلطات الجزائرية إلى الإفراج عن القاضي وضمان حماية الحقوق الأساسية.
واعتبر المتحدثون خلال هذه المناقشة أن الضغط على الصحفيين مؤشر على الاتجاه الذي يسير فيه المجتمع الجزائري، بعد إجهاض التطلعات التي تم التعبير عنها خلال الحراك الجزائري.
وسجلوا أن حل منظمات المجتمع المدني والترهيب والاعتقال تنتهك حقوق المواطنين الجزائريين وتمنعهم من التعبير عن أنفسهم بحرية، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
وتعرضت الجزائر يوم 11 نونبر الماضي أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف إلى سيل من الانتقادات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا. وكانت المندوبة الأمريكية طالبت الجزائر بإلغاء التعديلات التي أدخلت على المادة 87 مكررة من قانون العقوبات، والتي “تتضمن تعريفا فضفاضا مبالغا فيه للإرهاب”، والإفراج عن “الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعتقلين بمقتضى هذا البند”.
وفي 29 مارس 2023، أثناء المراجعة الدورية الشاملة للجزائر، أعربت منظمات المجتمع المدني عن انزعاجها عقب رفض الحكومة الجزائرية التوصيات المتعلقة بحرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات والاحتجاز التعسفي.
ويعتبر قانون الاجتماعات والتجمعات العامة شديد التقييد، حيث يتم القبض على المتظاهرين السلميين بحجة “التجمعات غير المسلحة”. كما اتخذت في حق بعض القضاة والمحامين إجراءات تأديبية وجرت محاكمتهم لممارستهم حقوقهم.
ويذكر أن النظام العسكري في الجزائر ومنذ زمن بعيد يقوم بتشديد قبضته الحديدية على حرية التعبير وحرية التجمعات وقمع الصحافة واعتقال الصحفيين ومحاكمات الرأي، لكن عن طريق الأموال الطائلة التي يصرفها على بعض المنظمات لا ينال حظه من التقريع والانتقاد.

Exit mobile version