Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الاعتقال الإحتياطي يُربك المؤسسات السجنية

أوصت لجنة المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول وضعية المؤسسات السجنية، بمراجعة منظومات التعويضات الخاصة بحراس الأمن داخل المؤسسات السجنية، معتبرين ” أن الأجور والتعويضات التي يحصلون عليها لا تتناسب مع حجم المجهود والأخطار التي يواجهونها، خاصة عند مقارنتها بالأنظمة الخاصة بالقطاعات الشبيهة.
وأبرز التقرير، أن حجم الإمكانيات البشرية المخصصة لقطاع السجون وإعادة الإدماج تبقى ضعيفة مقارنة مع طبيعة المخاطر والتحديات التي تواجه المؤسسات السجنية، حيث أوضح التقرير، ” أن نسبة التأطير في صفوف الموارد البشرية للسجون ” تبقى ضعيفة جدا، وهو ما يستدعي من الحكومة الرفع من المناصب المالية المخصصة لقطاع السجون للقيام بمهامها”.
وشدد محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، على ان المندوبية العامة تواجه عدة إكراهات، خاصة ما يتعلق بضعف الاعتمادات المالية المخصصة لها، ما يؤثر على الخدمات المقدمة وتنفيذ البرامج المسطّرة في مواجهة الارتفاع المتزايد لعدد النزلاء، حيث أشار التامك، وفق التوضيحات التي قدمها لأعضاء المهمة الاستطلاعية، إلى النقص الكبير الذي تعرفه السجون في جانب الموارد البشرية، بحيث لا تتعدى نسبة التأطير موظفا واحدا لكل 40 سجينا بالنهار، وموظفا لكل 300 سجين بالليل، وهو ما يجسد ظروف العمل الصعبة للموظفين أمام غياب التحفيزات والتعويضات على غرار نظرائهم في القطاعات الأمنية الأخرى.
و رصدت المهمة الاستطلاعية في ثلاث مؤسسات سجنية، لجوء السجناء في المؤسسات التي تمت زيارتها إلى الحصول على خدمات مقابل السجائر، مسجلين الإقبال الكبير على اقتناء السجائر في مركز الإصلاح والتهذيب الخاص بالأحداث التابع لسجن “عكاشة”، سواء بالنسبة للمدخنين أو غير المدخنين.

من جهته أكد المصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان، أن التعجيل بالمصادقة على مشروع تعديل القانون الجنائي، وإنجاز تعديل جديد وعميق للمسطرة الجنائية سيدفعان باتجاه الحد من عدد من الإشكالات والإكراهات التي تعاني منها المؤسسات السجنية، وفي مقدمتها ظاهرة الاكتظاظ المرتبطة في جزء منها بظاهرة الاعتقال الاحتياطي.
وأشار الرميد، في كلمة له في إطار المناقشة العامة لتقرير اللجنة الاستطلاعية المؤقتة لبعض المؤسسات السجنية، بمجلس النواب الثلاثاء 2 فبراير 2021، إلى أنه على الرغم من المجهودات المبذولة من طرف رئاسة النيابة العامة والدوريات التي عممتها على المحاكم بهذا الشأن، لازال الإشكال قائما، حيث يتراوح عدد المعتقلين الاحتياطيين بين نسبتي 39% و40% خلال السنوات الأخيرة.
ولعل اعتماد نظام العقوبات البديلة سوف يُخفف نسبيا، يقول الرميد، من الضغط المتزايد على مرافق المؤسسات السجنية ومواردها البشرية، مما سيكون له الأثر الإيجابي كذلك على العديد من الخدمات المقدمة للمعتقلين وحقوقهم الأساسية، سواء من حيث غرف الإيواء أو جودة التغذية وفضاءات الفسحة، ومرافق الرعاية الصحية ومستوى تنفيذ برامج التربية والتكوين، وعليه يبقى الأمل معقودا، يردف المسؤول الحكومي، على مراجعة المقتضيات ذات الصلة بترشيد الاعتقال الاحتياطي، وإعمال بدائل العقوبات السجنية وفق معايير تراعي واقع المؤسسات السجنية من أجل التخفيف من حدة الاكتظاظ”.
وثمن الرميد، هذه المهمة الاستطلاعية التي تندرج ضمن الدور الرقابي المنوط دستوريا بالمؤسسة البرلمانية، وكذا في تعزيز دينامية الإصلاح التي تعرفها بلادنا، والساعية إلى التخليق وترسيخ دولة الحق والقانون والمؤسسات، وتابع، أن الملاحظات والتوصيات التي تقدمت بها اللجنة مهمة ومتنوعة ومناسبة من حيث توقيتها، إذ تتزامن مع إعداد مشروع قانون جديد، يتعلق بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية والذي يشتغل عليه فريق مشترك بين وزارة الدولة والمندوبية العامة، قائلا ” إننا عازمون بحول الله بمعية باقي القطاعات الحكومية، وتحت إشراف رئيس الحكومة، على أن يكون المشروع جاهزا ليحال عليكم في أقرب الآجال، ولي اليقين بأنه سيجيب على العديد من الأسئلة المطروحة، ومن ضمنها توصيات اللجنة طريقها للتنفيذ والتفعيل من خلاله”.
ويرى الرميد، أن ما قام به أعضاء المهمة ” يتجاوز العمل الذي تعودنا عليه في مجلسي البرلمان، وتجاوز المألوف في عمل اللجان الاستطلاعية، ويكاد يرقى لعمل لجان تقصي الحقائق، على اعتبار معالجته العميقة والشاملة لأزيد من مؤسسة سجنية، وهو الاختيار الذي لم يكن ارتجاليا، بل مقصودا وصائبا”.
وعملت اللجنة، على التواصل مع القطاعات الحكومية المعنية على رأسها وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، والمؤسسات الوطنية ذات الصلة، على رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومع رؤساء الجماعات الترابية التي تقع السجون في دائرة نفوذها، كما تواصلت أيضا مع جمعيات ومنظمات المجتمع المدني المعني، وقد كان لتلك اللقاءات الأثر البالغ والهام في توضيح العديد من المعطيات والحقائق.

Exit mobile version