Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الانتخابات والاتجار في البشر

قد يبدو غريبا ما نذهب إليه اليوم في هذه الافتتاحية، لكنه موضوع قابل للنقاش، سواء من حيث ما توفر من معطيات مادية وملموسة أو ما يروج من إشاعات حول الانتخابات، إذ ما العلاقة التي تربط بين الانتخابات والاتجار في البشر، خصوصا وأن هذا المفهوم له اليوم مدلولات قانونية تترتب عنها عقوبات، بل إن تيار الحقوق العالمي اليوم يركز على هذا العنصر الخطير.
فقد ارتبط الاتجار في البشر بقضايا الدعارة والقوادة والهجرة السرية، والتوسط بكافة الأدوات من أجل تمكين شخص من أجل استغلال شخص أو أشخاص آخرين، لكن ربطه بالانتخابات يبدو شيئا مريبا، لكن الواقع يفيد أن معنى من معاني الاتجار في البشر تجد مصاديقها على أرض الواقع، وما على القارئ سوى أن يصبر علينا حتى نوضح مرمانا.
عندما تقترب الانتخابات تزداد حمى الاستقطاب، سواء تعلق الأمر باستقطاب مرشحين “فافوري”، الذين يضمنون المقعد مع أي حزب ترشحوا، وهؤلاء يكونون في مرمى عيون الأحزاب السياسية، حتى تضمن مقاعد انتخابية، وحسب ما يروج من كلام الناس ومن إشاعات متسربة من صالونات السياسة فإن أحزابا سياسية تقوم باستقطاب بعض المرشحين “الغلاظ” عن طريق محفزات.
بالإضافة إلى ما سبق الحديث عنه، هناك ظاهرة مقترنة بالانتخابات، وتتعلق باستعمال المال الحرام من أجل استقطاب الناخبين، حتى تحدث الناس عن مساومات وأثمنة، وعن شراء الأصوات.
وكلما ارتفع المستوى ارتفعت الأثمنة، خصوصا فيما يتعلق بالناخبين الكبار، حيث تتم المساومات بالملايين، ويتم اختطاف الناخبين كي يظهروا يوم التصويت من أجل تشكيل المجالس.
لا يعني ما قلناه أن هناك تساهلا ومسامحة في الموضوع، فالقوانين واضحة في مواجهة مثل هذه الاختلالات، كما أن المراقبة تكون مكثفة خلال الحملة الانتخابية، لكن الظاهرة مثلها مثل الجريمة، التي لا يمكن القضاء عليها عن طريق القوانين والعمل الأمني، لأن هذا الأمر جاء لمحاربة الظاهرة وبالتالي لابد من تظافر جهود كثيرة للقضاء عليها وعدم التطبيع معها.
ما يقع أثناء الحملة الانتخابية وقبلها وبعدها أحيانا، هو نموذج لا يختلف عن الاتجار في البشر، وهو ممارسة مخلة بالكرامة الإنسانية، لأن التعاقد بين الناخب والمنتخب ينبغي أن يكون هو البرنامج الانتخابي وليس شيئا آخر.
وكما هي الجريمة، التي تتم محاربتها عن طريق القانون والحملات الأمنية، لكن تحتاج إلى تظافر جهود باقي المؤسسات وخصوصا التربوية فإن ما يقع خلال الانتخابات، ورغم أن هناك أجهزة مكلفة بالمراقبة والمواجهة وأساسا “الداخلية” و”القضاء” فإن الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية كبيرة في انتشارها وبالتالي يقع عليها حمل مواجهتها عن طريق ميثاق أخلاقي يتم بموجبه رفض أي عنصر يلتحق بالحزب السياسية بطريقة مريبة أو أي مرشح يسعى للحصول على المقعد عن طريق الرشوة والمحفزات.
في الأخير نطرح قضية تحتاج إلى نقاش سياسي وقانوني، ما دام هذا الشكل له عنوان من عناوين الاتجار في البشر ألا يمكن تطبيق قانون تجريم الاتجار في البشر عليه؟

Exit mobile version