وظيفة البرلمان مزدوجة بين المراقبة والتشريع. وأهم عمل للبرلمان هو مراقبة عمل الحكومة مجتمعة ومساءلة رئيسها من خلال جلسة الأسئلة الشهرية، التي يرفض عزيز أخنوش حضورها، ومساءلة الوزراء كل واحد على حدة، كما يقوم عملهم على المساهمة في التشريع، سواء من خلال تقديم مقترحات قوانين أو المشاركة في مناقشة مقترحات القوانين التي تتقدم بها الحكومة، وأهم قانون تتم مناقشته هو قانون المالية.
وإذا كانت المناسبة شرطًا فإن شرط هذا الكلام هو مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، داخل لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج، حيث تمت مناقشة ميزانية الخارجية دون الاهتمام بتاتا بقطاع مغاربة العالم. وليس هذا ما يهمنا هنا من هذا النقاش، ولكن تحول البرلمانيين من مراقبين للعمل الحكومي إلى مطبلين لمنجزات وهمية للوزير.
دور البرلمانيين هو أن “يعصروا” الوزير “عصرا” حتى يعرفوا أين تذهب أموال المغاربة، لكنهم بدل ذلك شرعوا في ترديد مصطلحات ومفردات الذباب الإلكتروني، والعجيب أن برلمانيين لم يتحدثوا عن الميزانية، وهي أهم شيء في المكان، إذ لكل مقام مقال، ولكنهم طبّلوا للوزير وزمّروا له، ورددوا عبارات لا تليق مثل “عطيتي لوالديهم” و”حق الله أنت أسد”.
نعرف أن الديبلوماسية قطاع ملكي ولصاحب الجلالة رؤية دقيقة ترفض التنابز بالألقاب لأنها لا تحقق نصرا ديبلوماسيا، والوزير هو أداة تنفيذ قد لا يكون في مستوى المقام، وما تحقق ويتحقق في المغرب من انتصارات هي بفضل التحرك الملكي، غير أن ناصر بوريطة يريد تصوير كل شيء باسمه وكأنه هو الفاعل في المشهد الدولي.
ما زال “سعادة” الوزير يتحرك في إطار ما حققته الديبلوماسية الملكية. تصور مثلا لا مماثلة، أنك استقدمت مندوبا تجاريا لكن عمله اقتصر على زبنائك القدماء، فهل يعتبر ناجحا؟ طبعا لا وألف لا. السؤال الذي نطرحه على البرلمانيين، الذين تحولوا إلى مطبلين مرددين لعبارات الذباب الإلكتروني، ما هي الاختراقات التي حققها بوريطة؟ هو يدور في فلك الدول الصديقة، وهذه مهمة آخرين ممن يريدون الحفاظ عليها، ولكن الديبلوماسي الناجح هو الذي يخترق معسكر الخصوم ويريحنا من تعب وتشويش بعض الدول.
نحن هنا نرفع التحدي ولا نطلب الكثير، ولكن مجرد دولة واحدة استطاع بوريطة اختراقها. ونذكر الذباب الإلكتروني والبرلمانيين المتشبهين بهم أن زيارة سياحة قام بها جلالة الملك إلى كوبا ولقاء برئيسها آنذاك راوول كاسترو أثمرت عودة العلاقات ورفع اللبس الذي كان لدى الكوبيين بخصوص قضية وحدتنا الترابية.
ينبغي أن يعرف هؤلاء أن المغرب فيه ملك وهو قائد الديبلوماسية، وأي محاولة لتصوير شخص تنفيذي على أنه صاحب الإنجاز هو تقليل من مقامات عالية ورفع من مقامات متدنية، وهذا لا يصح ولا يحق أبدا.
البرلمان من المراقبة إلى التطبيل
