التشخيص الدقيق يؤدي حتما إلى إيجاد الحلول الناجعة، إن توفرت الإرادة، والإرادة الملكية واضحة في اتجاه حلحلة الأزمات، واليوم تتجسد الأزمة وفق الرؤية الملكية في “الإجهاد المائي” و”ضعف الاستثمار”، ولهذا جاء الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية في سياق تقييم وتقويم الوضع الحالي واستشراف المستقبل.
فلم يقف الخطاب الملكي عند تشخيص الواقع والاعتراف بوجود الأزمة في أهم قطاع حيوي، أي الماء، الذي قال فيه الله عز وجل في محكم كتابه العزيز “وجعلنا من الماء كل شيء حي”، بل توجه رأسا نحو اقتراح العناوين الكبرى للحلول الممكنة والضرورية لإنقاذ البلاد، التي تعرف موجة جفاف غير مسبوقة، ولهذا ينبغي الانكباب بجدية على الموضوع وقال جلالة الملك ”لا ينبغي أن يكون مشكل الماء موضوع مزايدات سياسية أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية”.
فقد أصبح المغرب يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي. ولا يمكن حل جميع المشاكل، بمجرد بناء التجهيزات المائية المبرمجة، رغم ضرورتها وأهميتها البالغة. لذا، يقول جلالة الملك، ندعو لأخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، لهذه المادة الحيوية.
كما ينبغي ألا يكون مشكل الماء، موضوع مزايدات سياسية، أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية.
وكلنا كمغاربة، مدعوون لمضاعفة الجهود، من أجل استعمال مسؤول وعقلاني للماء.
وهو ما يتطلب إحداث تغيير حقيقي في سلوكنا تجاه الماء. وعلى الإدارات والمصالح العمومية، أن تكون قدوة في هذا المجال.
كما يجب العمل على التدبير الأمثل للطلب، بالتوازي مع ما يتم إنجازه، في مجال تعبئة الموارد المائية.
أما على المدى المتوسط، فيجب تعزيز سياستنا الإرادية في مجال الماء، وتدارك التأخر الذي يعرفه هذا القطاع.
فواجب المسؤولية يتطلب اليوم، اعتماد اختيارات مستدامة ومتكاملة، والتحلي بروح التضامن والفعالية، في إطار المخطط الوطني الجديد للماء.
أما في موضوع الاستثمار فقد ركز جلالته على الاستثمار المنتج، کرافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق انخراط المغرب في القطاعات الواعدة؛ لأنها توفر فرص الشغل للشباب، وموارد التمويل لمختلف البرامج الاجتماعية والتنموية.
وقال جلالته “ننتظر أن يعطي الميثاق الوطني للاستثمار، دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية.
وهو ما يتطلب رفع العراقيل، التي لاتزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني لإقلاع حقيقي، على جميع المستويات.
فالمراكز الجهوية للاستثمار، مطالبة بالإشراف الشامل على عملية الاستثمار، في كل المراحل والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها، في مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود”.
خطاب الصراحة والوضوح في مجالين مهمين. دعوة صريحة للجميع لإنقاذ السفينة التي نمتطيها جميعا وإلا لن يفلت أحد من الكارثة. الجميع مدعو لتحمل مسؤوليته، وإذا كانت الحكومة غير قادرة على وضع البرنامج فجلالة الملك وضع كل عناوينه الكبرى ولن يبقى لها سوى التفصيل والعمل بالجدية اللازمة التي يستحقها المشروع الملكي.
البرنامج الملكي للخروج من الأزمة
