Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

البيجيدي من محاربة الفساد إلى محاربة قوانين الفساد

البلوكاج الذي تعيشه بعض مشاريع القوانين الموجودة حاليا في البرلمان، ونحن على أبواب نهاية الدورة التشريعية، في انتظار بداية أخرى بعد الانتخابات، بمعنى على موعد مع إغلاق قوس وفتح آخر، هذا البلوكاج لم يكن بريئا ولا نتيجة الرغبة في تجويد التشريعات والقوانين، ولكنه الخوف والانزعاج من الموافقة على قوانين تتعلق بتنظيم وتعزيز ترسانة محاربة الفساد، وظهر أن الحزب الإسلامي، الذي انطلق سنة 2012 من شعار محاربة الفساد يرفع اليوم شعار “محاربة قوانين الفساد”.
حزب العدالة والتنمية، وبعد الدستور الجديد الذي جاء بصلاحيات كبيرة لفائدة رئيس الحكومة، رفع شعار محاربة الفساد، لكن بتأويلات متعددة وفق الزمان والمكان، فالفساد في المدن الكبرى يعني لدى الحزب مراقبة التسيير والتدبير، وحتى في هذه المدن لما يتحدث عن الفساد في الأحياء الهامشية يقصد به الفساد الأخلاقي، مثلما يتحدث بهذا المعنى عن الفساد في المدن الصغيرة وفي المغرب العميق.
والحقيقة بينت أن الحزب لا غرض له بتاتا بمحاربة الفساد، بل هو حزب لا يطارد المفسدين داخله، وعندما استقبل جلالة الملك محمد السادس أمينه العام آنذاك عبد الإله بنكيران، اختار جلالته مدينة ميدلت، ولا شيء في الدول يسير عفو الخاطر، ولكن كان ذلك ليقول لهؤلاء القادمين الجدد على السلطة أن فيكم الصالح والطالح، والعبرة ليست بالقول ولكن بالفعل.
حزب العدالة والتنمية مثله مثل باقي الأحزاب، لا هو حزب ملائكة ولا هو حزب شياطين، فيه من يصون الأمانة وفيه منتفعون كثيرون، جاؤوا لمناصب المسؤولية “ربنا خلقتنا” كما يقول المغاربة وغادروها أو يستعدون لمغادرتها وهم أثرياء، ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا بفعل خرق القوانين والانتفاع غير المشروع.
أبناء الحزب المنتفعون اليوم يخافون من صدور قوانين أكثر صرامة في محاربة الفساد، لهذا سيحاولون جهدهم عرقلة مرورها في الولاية الحالية، لأنهم أصبحوا اليوم مرعوبين من المتابعة مما اقترفتهم أيديهم خلال عشر سنوات من التسيير، وكما يقول المثل المغربي “اللي كلاتو المعيزة فالوطا تحطو فالجبل”، وهم يريدون تأمين الصعود إلى الجبل دون خسران الوزن الزائد من “متاع الدنيا” الذي لهفوا من مناصب المسؤولية.
لقد تبين أن محاربة الفساد لدى العدالة والتنمية كانت شعارا خادعا ومغالطا بل كانت “الأغنية” التي بواسطتها يتم التغطية على فساد الأعضاء، وظهر الفساد عندهم في “البر والبحر” قبيل وصولهم إلى الحكومة، وهذا تابعناه وكتبنا عنه، وقلنا إن هؤلاء لا يتسامحون في سرقة المال الخاص “مال الحزب” بينما هم متسامحون مع سرقة “المال العام” دون وجل، ورأينا بنكيران يقاتل من أجل الدفاع عن أحد القياديين الذين تورطوا في اختلاس المال العام، وفاوض من أجله وخرج فيمن خرجوا في صفقات 2011 وأصبح مستشارا له في رئاسة الحكومة. هكذا هم يغطون على فسادهم بكل قوة ومن خلال المؤسسات.

Exit mobile version