Site icon أشطاري 24 | Achtari 24 – جريدة الكترونية مغربية

الترامبية برؤية مختلفة

WASHINGTON, DC - January 9: Former president Donald Trump speaks to the media at Waldorf Astoria following his appearance at U.S. District Court in Washington, D.C., Tuesday, January 9, 2024. Trump attended a hearing to claim of immunity in the federal case accusing him of illegally attempting to overturn his 2020 election defeat. (Photo by Jabin Botsford/The Washington Post via Getty Images)

ليس الرئيس هو كل شيء في الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك الدولة العميقة، التي تتحكم في مسارات السياسة الداخلية والخارجية، وتتجسد في البنتاغون والمجمع الصناعي العسكري والمخابرات (سي آي إي) ووزارة الخارجية والمراكز المرتبطة بها، لكن كلما كان الرئيس يمتلك كاريزما تظهر بصماته، وفي الفترة الرئاسية السابقة لترامب أبدى مواجهة للدولة العميقة لكن يبدو أنه فشل فيها.فه
ومن خلال تتبع خطاب التنصيب وقراراته يبدو أنه يسعى إلى توافق مع الدولة العميقة، وإرضائها وتحقيق طموحاتها كي ينفذ هو برنامجه، عبر التقليص من البعد الامبراطوري للولايات المتحدة الأمريكية والتركيز على الدولة الوطنية القوية.
قراءة في الجو العام لليوم الأول من ولاية ترامب الرئاسية يمكن اكتشاف التوجه الثقافي للدولة التي يريدها رجل الأعمال الكبير المصحوب بإمبراطور الثورة التقنية إيلون ماسك، ويرتكز هذا التوجه على ثلاثة عناصر.
العنصر الأول، هو عودة الطابع الديني للدولة الأمريكية واستبعاد التوجه العلماني لها، الذي حضر بشكل قوي خلال فترة رئاسة جو بايدن، ويجدر الإشارة إلى أنه في أمريكا يتنازع التوجه المسيحي الإنجيلي المحافظ مع التوجه العلماني، وحسب توجه الرئيس يطغى هذا الجانب على الآخر، وجاء لحفل التنصيب مصحوبا برجال دين مسيحيين وحتى من ديانات أخرى ومنها الإسلام، باعتبار أن المسلمين منحوا أصواتهم للحزب الجمهوري.
العنصر الثاني هو حضور القيم الأخلاقية، وهذا بغض النظر عن التوجه الأخلاقي للرئيس الأمريكي فيما يتعلق بما هو خارج أمريكا، ويتعلق الأمر بإعلانه توجها يمنع ما يسمى الجنس الثالث، معتبرا أن البشر هم رجل وإمرأة، وجاء مستشاره مرفوقا بزوجته وأبنائه الثلاثة، في تأكيد واضح على دور الأسرة في بناء المجتمع، ويشكل هذا ضربة للتوجهات المدافعة عن الشذوذ والنسوانية التي تتخذ من الغرب نموذجا لها.
فهذه أقوى دولة في العالم تتبنى توجها يُعرف الأسرة كنواة صلبة للمجتمع، وبالتالي لا يمكن التعويل على التوجهات “الجندرية” الجديدة في بناء المجتمعات، وستضع ترامب في مواجهة الغرب، وفي اتساق مع توجهات فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، الذي قال ذات يوم إننا لا نواجه الغرب بالسلاح فقط ولكننا ندافع عن الفطرة السليمة.
والعنصر الثالث، يتعلق بأمريكا التي ينتمي إليها من يخدمها. ففي مقابل الإعلان عن محاربة المهاجرين غير الشرعيين، حضر معه في التنصيب أمريكيون من أصول لاتينية، وقد منحوه أصواتهم، بمعنى العودة إلى مبدأ “الأمريكي هو من يخدم أهداف أمريكا”، رغم اتساع دائرة نزعة الدافع عن “بيض البشرة”، وهو توجه لدى ترامب قصد تهدئة الجبهة الداخلية والاستفادة من كل الطاقات.
إذا جمعنا التوجه الثقافي لترامب مع الإفصاح عن رغبته في إنهاء الحروب في العالم، واساسا الحرب الروسية الأوكرانية، فهذا يعني بناء أمريكا التي تهتم بالأمريكيين بدل أمريكا الإمبراطورية، التي تحارب العالم بينما داخلها يغلي بالتوترات الاجتماعية، حيث سيستعيد الصناعات الأمريكية ويركز على الإنتاج الأمريكي كأولوية.

Exit mobile version